في عيد المرأة الأممي.. تحية للنساء المغربيات

في عيد المرأة الأممي.. تحية للنساء المغربيات

A- A+
  • نحن اليوم في مارس 2023، حيث قانون الجنسية وقبله مدونة الأسرة التي كانت أشبه بثورة بيضاء للملك محمد السادس توج بها مسار نضال المرأة المغربية في مجال المساواة، وما حدث بعدها من إقرار مبدأ المناصفة وإعمال مقاربة النوع الذي رفع من حضور المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية ووصولها إلى مراكز متقدمة جدا في مجال تدبير المسؤولية السياسية وإدارة الشأن العام.. لم يكن ممكنا قبل عقد واحد من ذلك الزمان، أن نحلم بإنجازها على مستوى الواقع، لا أبناء جيلي ولا حتى أقوى الهيئات النسائية تفاؤلا بالمغرب، لولا الإرادة السياسية للملك محمد السادس.
    هل تعلم نساء اليوم كيف حصلت هذه المكتسبات، التي لا تعني أن وضعية المرأة بالمغرب قد وصلت إلى المنتهى الديمقراطي الذي نطمح إليه، هل يدرون كيف حصل تقدم كبير في المنجز الحقوقي للمرأة المغربية برغم كل عوامل الكبح الموجودة أصلا في بنية المجتمع المغربي وثقافته التقليدية؟ هل تعي المرأة المغربية اليوم كيف وصلت إلى ما هي عليه من تشريف ومن وضع قانوني متقدم عما كان عليه الأمر قبل ثلاثة عقود أو أربعة؟
    لقد كان ذلك حصيلة عقود طويلة من نضال الحركة النسائية بالمغرب ومعها كل القوى الحية في البلاد، للخروج من حالة الإجحاف والدونية التي ظلت تعانيها المرأة المغربية في كل المجالات، فما تتمتع به النساء الشابات اليوم، هو سيرورة طويلة من النضال لنساء وضعن على عاتقهن ضرورة الرقي بوضع المرأة، وتجاوز وضعية الإعاقة الاجتماعية التي تجعل المجتمع يتنفس برئة واحدة فقط، فيما ظلت رئة المرأة معطلة بسبب الجهل والأمية وسيادة التقليد، والالتباس الحاصل بين الوضع الطبيعي للمرأة وما يعتقد أنه التأويل الفقهي السليم للنص الديني المقدس.
    ما أضفى خصوصية استثنائية بالمغرب بخصوص تطور وضع المرأة القانوني والاجتماعي والحقوقي وما يرتبط بارتفاع منسوب المشاركة السياسية للمرأة، هو أن الدولة، منذ الألفية الثالثة، كانت إلى جانب صف الدفاع النسائي والحقوقي لإحراز تقدم كبير في مستوى مقاربة النوع وإنصاف أكبر لحقوق المرأة، بل بدت الدولة في الكثير من الأحيان متقدمة على الوعي الاجتماعي خاصة مع صعود قوى محافظة تعود بنا إلى ما قبل الثمانينيات للحجر على المرأة المغربية، لقد بدا محمد السادس في ذات الموقع الذي وجد فيه محمد الخامس نفسه وهو يقود تجربة متقدمة في تحرير المرأة بالمغرب، بدءا بابنته عائشة التي كانت أول امرأة تعبر عن هذا المنحى التحرري وبعدها مجلتها الرائدة على مستوى الوطن العربي في الدفاع عن حقوق المرأة.
    هذا لا يعني بأية حال، أن المرأة المغربية قد نالت كافة حقوقها وتعيش رفاها اجتماعيا وتقدما سياسيا، فلا زال هناك درب طويل للنضال من أجل إحراز العديد من المكتسبات، وحتى نص المدونة المتقدم يبدو بعد عقدين من الممارسة والتجريب في حاجة ماسة إلى التعديل وفق ما حدث من تحولات ثقافية واجتماعية واقتصادية للمرأة بالمغرب، وتلك ليست مهمة الدولة وحدها ولا الحركات النسائية المدافعة عن تحسين الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمرأة المغربية، بل هي مهمة تقع على عاتق كل القوى الحية من أحزاب سياسية ومجتمع مدني ومنظمات نسائية وحقوقية، وعلى كاهل الدولة أيضا، لدى نتمنى أن تعمل كل الأذرع في المجتمع المغربي من أجل الدفاع عن وضع اعتباري أفضل للمرأة وصولا إلى تحقيق المساواة الشاملة بين الرجل والمرأة خدمة لمجتمع ديمقراطي متقدم ومتوازن.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث