بوح الأحد:ٱنتصرنا في المونديال،ٱنتصرنا كذلك لثقافتنا ولوحدتنا الوطنية وكل قيمنا

بوح الأحد:ٱنتصرنا في المونديال،ٱنتصرنا كذلك لثقافتنا ولوحدتنا الوطنية وكل قيمنا

A- A+
  • بوح الأحد: ٱنتصرنا في المونديال، ٱنتصرنا كذلك لثقافتنا و لوحدتنا الوطنية و كل قيمنا و ٱربكنا كل الطوابرية و الخصوم و مغرب جديد في الأفق، وطننا نحن فداه

    أبو وائل الريفي
    لا أدري ما الذي أعادني إلى ذكريات كأس العالم لعام 1982 مباشرة بعد نهاية الملحمة المونديالية التي كان بطلها المغاربة في قطر. قد يكون السبب هو الإقصاء غير العادل ضد فرنسا رغم أننا كنا الأفضل في المباراة، وقد يكون السبب هو حالة الحسرة السائدة على وجوه الجماهير الكروية وعامة الشعب المغربي الذين رأوا أنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من النهائي، وقد يكون سببا آخر لا أدري ماهيته. الأكيد أنه نفس شعور كل متتبعي الكرة في العالم سنة 1982 وهم يبكون إقصاء البرازيل التي كانت معشوقة كل الجماهير وهي التي كانت تضم سحرة الكرة حينها، ولست في حاجة لذكر كوكبة أولئك النجوم لأن أسماءهم ستبقى خالدة في التاريخ. كان المغرب في لقاء نصف النهائي هو الأفضل رغم أنه كان في مواجهة فرنسا المرشحة مبكرا للفوز باللقب وحاملة اللقب العالمي السابق، وقدم عرضا كرويا بأخلاق رياضية عالية لأن اللاعبين لم يفسدوا أجواء المونديال بكثرة الاحتجاج على التحكيم رغم أنهم كانوا ضحاياه بشهادة خبراء التحكيم الدولي ويلزم لمسؤولي الكرة في المغرب متابعة هذا الموضوع عبر قنواته القانونية والإدارية في الفيفا لوضع حد لمن يفسد متعة الكرة. سيشهد العالم للمغاربة أنهم قدموا أروع درس ولم يعطوا للتنافس الكروي أكثر من حجمه ولم يخلطوا بين القتالية المطلوبة في الميدان دفاعا عن الراية الوطنية وبين قتالية مريضة يمكنها أن تفسد الرياضة. وستبقى لقطات المباراة شاهدة على كل من أخطأ في حق هذا المنتخب الذي أشعر المغاربة والأفارقة والعرب والمسلمين بأن زمن الفوارق الكروية ولى.
    مشهد ثان، وهذه المرة ليس تاريخيا ولكنه مشهد واقعي، نال انتباهي وأنا أتصفح قسمات وجوه المغاربة، سواء عبر شاشات التلفاز أو في الشارع بعد نهاية المباراة، المليئة بالأسى على عدم التأهل للنهائي. المفيد في هذا المشهد هو هذا الشعور بالندية وباستحقاق الريادة الكروية لمنتخب مغربي ظل إلى لحظات قبل المونديال مستبعدا من دائرة التنافس. كم هو جميل هذا التحول لدى المغاربة الذين لم يعودوا ينظرون إلى أن التأهل للمونديال هو أكبر إنجاز وأن مشاركة مشرفة تنتهي بعبور دور المجموعات إنجاز تاريخي.
    لقد أعطى الإنجاز المونديالي مؤشرا إضافيا لمن لا يزال يشكك بأن مغربا آخر يُصنع على أعين العالم، وهو مغرب يخطو بثبات في مجالات عديدة لولوج نادي الكبار. لقد أكد المغرب بهذا الانتصار الكروي الانتصارات الأخرى التي أحرزها في ميادين عديدة.
    هي مناسبة لنتذكر الإنجاز المغربي في تدبير جائحة كورونا في وقت انهارت فيه مقدرات دول كثيرة، واستطاع المغرب الصمود وتوفير الأمن الصحي والغذائي والطاقي لكل المغاربة والتخفيف من الأضرار التي كان يمكن أن تلحق شرائح اجتماعية كثيرة رغم الظروف غير المساعدة.
    وهي مناسبة لنتذكر الانتصارات الدبلوماسية والسياسية، وحتى العسكرية، التي حققها المغرب في الدفاع عن سيادته واستقلاليته سواء في قضية الصحراء أو في غيرها من القضايا التي أثبت فيها للعالم أنه لا يرضى بغير الشراكة والندية والتكافؤ في العلاقة تجاه أي قوة مهما كانت مكانتها.
    وهي مناسبة كذلك لنتذكر النجاح المغربي في محاربة الإرهاب وتجربته التي أصبحت تحتذى من طرف دول كثيرة وكفاءة محاربي هذا الإرهاب الذين صارت خبرتهم مطلوبة في العالم كله وتفوقهم مشهود به وتثبت وقائع كثيرة أن أوراق الضغط التي صار يملكها المغرب على الصعيد العالمي حاسمة في محاربة هذا الخطر المهدد للاستقرار العالمي.
    آخر ما جادت به الصحافة الألمانية هو ما نقله تقرير لمجلة دير شبيغل أكد نجاح وساطة المخابرات المغربية، بعد فشل وساطات كثيرة، في الإفراج عن عامل الإغاثة الألماني يورغ لانج الذي يعتبر أقدم رهينة ألماني في مالي وهو الذي اختطف منذ 2018. وهذه عينة صغيرة للمنجز المغربي في مجال محاربة الإرهاب والخدمات الكبيرة الاستباقية التي يقدمها حماة الجدار المغاربة لتجنيب دول كثيرة مخاطر أعمال إرهابية خطيرة.
    لا يدخل المغرب أي اعتبارات زائدة في هذه الحرب على الإرهاب، ولو كان المعني هم الألمان الذين عبرت نخب واسعة منهم عن جهلها بالثقافة العربية والإسلامية حين لم يميزوا بين فرحة لاعبين مغاربة بانتصاراتهم الكروية برفع السبابة توحيدا لله وحمدا له ولنسبة الانتصار إليه وحده وبين نسب هذا التصرف للدواعش باعتباره تحيتهم الرسمية. يخسر الألمان بهذا الجهل بثقافتنا كثيرا، وكم كان مثيرا للشفقة لهؤلاء جميعا وهم يتلقون درسا في دلالة هذه الإشارة من مدرب ألماني شهير هو يورجن كلوب يوضح لهم ما يجهلونه. ترى لماذا لم نسمع لهؤلاء الألمان استنكارا لتصريحات ماكرون وهو يتحدث عن البركة رافعا سبابته إلى السماء وتنسب سلوكه إلى الدواعش؟!
    للأسف، هذا هو حال الألمان الذين يكيلون بمكيالين. يستنكرون أشياء لا قيمة لها وبجهل مطبق ويقومون بأخطر منها دون اكتراث طالما أنها تخدم مصالحهم. لماذا تأوي ألمانيا إرهابيا رسميا وتمنحه تقاعدا وتعويضات؟ لماذا تتجاهل كل المعلومات الموثقة حول أفعاله الإرهابية؟ لا مبرر لكل ذلك سوى أنهم غير جادين في محاربة الإرهاب ومستعدين للعب به كورقة لقضاء مصالحهم كما هو الشأن مع قضايا حقوق الإنسان كلها.
    لا يمكن إطلاقا تسمية خروج المغرب من المونديال بالهزيمة لأن معنى النصر والهزيمة يتحددان بمعرفة أين كنا نلعب، وضد من نلعب، والمناسبة التي كنا نلعب فيها، وفارق الإمكانيات المتوفرة لكل لاعب، والصدى الذي تركه كل لاعب في المونديال.
    نحن انتصرنا بمعايير كثيرة، وصنعنا تاريخا وسنترك لغيرنا كتابته، وحتما سيصنفنا منتصرين إن اتصف بالحياد والموضوعية اللازمتين لكل المؤرخين.
    أبهر المغاربة العالم بقتاليتهم وطريقة لعبهم وقدرتهم على المنافسة وعدم شعورهم بالنقص وإيمانهم بقدرتهم على الانتصار على كل خصم. أثبت المغاربة أنهم يستطيعون تجاوز كل مستحيل. اكتشف العالم معدن المغاربة الحقيقي وقدراتهم التي لا تختلف عن غيرهم، وأكدها الجمهور المغربي بدموعه الغالية حزنا على ضياع فرصة التأهل للنهائي بسبب أخطاء التحكيم أو بعض التفاصيل والجزئيات الصغيرة التي أثرت على نتيجة ذلك اللقاء.
    نال المغاربة تعاطف العالم كله الذي حزن لعدم مرورنا للنهائي، ونال تشجيع مدرجات ملعب البيت الممتلئ عن آخره بما في ذلك الأربعة آلاف مشجع فرنسي الذين اعترفوا بأن المغرب كان خصما شريفا ومخيفا ولم يطمئنوا لانتصارهم حتى صافرة النهاية. حجم الفرح الذي أظهره الفرنسيون، وفي المقدمة ماكرون، ليس إلا تأكيد للخوف الذي كان ينتابهم من مواجهة المغرب.
    حققنا نحن المغاربة الكثير من الأهداف والتي لا تقل أهمية عن الأهداف التي تسجل في شباك الملعب. لقد عرفنا من معنا، ومن ضدنا، ومن يفرح لفرحنا، ومن يفرح لحزننا، ومن يشمت فينا، ومن يحبنا، ومن يكرهنا، ومن يلتمس لنا الأعذار، ومن يحفر ليوقعنا في الحفر.
    مشاهد اهتزاز ملعب البيت أثناء عزف النشيد الوطني ستبقى خالدة في الذهن ومنقوشة في كتب التاريخ. بالتأكيد لم يكن كل جمهور الملعب من جنسية مغربية ولكنهم كانوا بهوى مغربي لأنهم رأوا فيه جميعا روح انتمائهم الإفريقي أو العربي أو الإسلامي.
    اختصار الرئيس الأمريكي بايدن لخطابه أمام حوالي 50 رئيس دولة وحكومة وذكره لسبب ذلك وربطه بشوق جميع القادة الأفارقة لمشاهدة مباراة المغرب دليل إضافي على حالة التعاطف العالمي والقاري مع المغرب. لقد عبر بايدن عن ذلك صراحة حين قال “أعلم أنكم تقولون لأنفسكم أوجز يا بايدن، هناك مباراة نصف نهائي بعد قليل، أدرك ذلك”. مشاهدة الرئيس الأمريكي للمباراة مع قادة أفارقة دليل آخر على حالة التقدير التي يحظى بها المغرب. أليس هذا انتصارا أن تربح احترام وتقدير العالم؟
    استطاع المغاربة القطع مع شعار “المشاركة المشرفة” و”أخذ التجربة” و”ربح فريق للمستقبل” التي تحكم مشاركة الدول العربية والإفريقية، وبينوا أن المشاركة المفيدة هي التي يطبعها التحدي والثقة والتنافسية والإنجاز والاقتناع بالقدرة على تحقيق كل شيء طالما أن هناك الإرادة وحسن التدبير. أليس هذا انتصارا آخر لا تقتصر نتائجه علينا كمغاربة ولكنها تتعداه لغيرنا الذين كنا قدوة ونموذجا لهم؟
    كشف لنا هذا المونديال حقيقة الطوابرية وفضح “المخلوضين” الذين ينتعشون في مستنقعات الفتنة الطائفية ويحبون الاصطياد في الماء العكر. إنهم من يريد إفساد أجواء الانسجام والتجانس الذي قدمناه للعالم كله وهو يرى منتخبا متماسكا في الملعب وجمهورا مؤازرا لهم ومتضامنا بكل فئاته معهم في المدرجات وشعبا يقف في نفس الصف معهما من كل مدن المغرب وجهاته ومن خارج المغرب كما عبر عن ذلك مغاربة العالم في عواصم شتى من كل القارات. الجامع بين كل هؤلاء هو العلم المغربي ولا علم دونه، والنشيد الوطني ولا نشيد غيره، وشعار “هذي البداية مازال ما زال”، والزغاريد التي بحت بها حناجر المغربيات والهتافات المغربية التي صدحت بها الجماهير المغربية بغض النظر عن انتماءاتها. لم يكن أحد يسأل من بجانبه عن شيء من ذلك لأن المغرب كان يجمعهم جميعا وتامغربيت كانت بيئتهم الحاضنة وثقافتهم الجامعة.
    لقد كان لافتا للعالم أجمع هذه اللحمة الوطنية الجامعة. وقد عبر عنها بدقة جلالة الملك في تهنئته للفريق الوطني حين وصفها ب”التماسك والروح القتالية”.
    لقد أخرج هذا الانسجام والتماسك الفتى المدلل للماما فرنسا بوبكر الجامعي ليعبر عن عنصريته تجاه الانتماء للمغرب. لم يكتف حفيد الفقيه بوشتى، الذي لو كان حيا لتبرأ من كذبه ومحاولته إحياء روح الظهير البربري بين المغاربة، بتبخيس الإنجاز المغربي بل أراد تسميمه بادعاءات باطلة تؤكد عقدته الرئيسية التي ليست إلا جهله بكثير من المواضيع التي يتحدث فيها وهوسه بإظهار “أنه من العميقين”.
    ادعى بوبكر كذبا بأن المنتخب المغربي مكون من ريافة ومعمما بأنهم مقموعون في المغرب ولا حقوق لهم، بل إن جهله تجاوز كل الحدود حين ادعى بأنهم لا حق لهم في الانتخاب.
    من لم يستحيي من نفسه ومن لم يحترم من يسمع إليه يمكنه قول أي شيء، بل يمكنه الكذب بدون حدود. وهذا هو ما يحق على بوبكر الجامعي الحاقد على المغرب والمغاربة ظنا منه أنه ينتقم لريع وحظوة ضيعهما بأخطائه المهنية والتدبيرية والتقديرية لأنه ظن نفسه يستحق أكثر من صحفي وناشر وأراد أن يكون فاعلا سياسيا بدون خوض غمار المنافسة السياسية وعقلا مفكرا للدولة دون أن يتوفر على أدنى ما ينبغي من الكفاءة. هي عقدة ملازمة لبوبكر منذ فشل لوجورنال والصحيفة الذي ينسب سببه للدولة ولا يصارح نفسه حول السبب الحقيقي للفشل.
    لمن لا يعرف تخليطة هذا المنتخب من أمثال الجاهل الحاقد إياه ننوره بهذه المعطيات التي يمكنه التأكد من صحتها ومواجهتنا بأي خطأ فيها. ونبدأ بالمدرب وليد الركراكي وأصله من الفنيدق، والكابتن سايس وأصله من ورززات، أما حكيمي فأصله من واد زم، بينما الحارس بونو من تاونات، والتكناوتي من فاس وكذلك يوسف النصيري، وزياش من تافوغالت قرب بركان حيث أصول لقجع كذلك، وأشرف داري بيضاوي وكذلك أوناحي، وحمد الله وعطية الله من آسفي يعني من عبدة، والصابيري من كلميمة، وأملاح من الناظور والمحمدي كذلك، والزلزولي من بني ملال وكذلك شديرة، وجبران من سطات، ولمرابط من بن الطيب من الناظور، وبوخلال من أكادير، والشاعر من طنجة، والياميق من خريبكة، وبوفال من تازة وأمه مكناسية. فما الذي يجعل بوبكر الجامعي يختزل كل هذا التنوع في ريافة؟
    إنه الحقد على المغرب، وعدم تصديق سادته لقدرة المغرب على تشكيل منتخب كروي بهذا التنوع الغني المتجانس والمتماسك. الريف يا بوبكر جزء من المغرب واللاعبون من أصول ريفية لعبوا من أجل الراية المغربية وحملوا الراية المغربية ورددوا النشيد الوطني المغربي ومنهم من كتبه بلغة أجنبية ليتمكن من حفظه حبا للمغرب.
    أبناء الريف يا بوبكر غير مقصيين أو مضطهدين لأن منهم وزراء ولا أظنك تجهل بأن وزير الداخلية لفتيت ريفي، وأضف لمعلوماتك أن أكبر غرفة تجارية في المغرب، أي غرفة الدار البيضاء، يترأسها ريفي، ولو أردت لسردت لك من هذه الأمثلة الكثير ولكنني أعلم أنك غير مهتم بمعرفة الحقيقة ولكن أنبهك أنك تلعب لعبة أكبر منك وأقذر من كل الوسخ الذي تلعب به منذ سنين. الفتنة الطائفية والمناطقية مخطط تخريبي تجزيئي استعماري جربه قبلك من أهم أذكى منك ولم ينجحوا لأن تامغربيت تجمع بيننا نحن المغاربة منذ قرون وليس بمستطاع أي كان النيل من وحدة المغرب والمغاربة. واسأل سادتك عن ذلك.
    لماذا لم تثر الملاحظة على منتخب افريقيا الذي كان يمثل فرنسا؟ وهل تجرؤ على إثارة مثل هذه المواضيع وأنت المقيم في فرنسا وتنعم فيها بامتيازات يطرح حولها أكثر من علامة استفهام؟ ولماذا تتهرب من الإقامة في المغرب رغم أنك تدخل وتخرج منه وإليه مما يؤكد أنك غير ممنوع؟ ألا تشعر بالخجل وأنت تقدم دفوعات واهية حول أشياء قديمة أنت أدرى بحيثياتها لتبرر استمرار إقامتك في فرنسا؟
    ولأن الجهل لا حدود له فقد افترى بوبكر الجامعي كبيرة من كبائر السياسة حين جزم بأن ريافة المولودين في الخارج لا حق لهم في التصويت لأن لهم جنسية أخرى. هل يمكن أن يصدر مثل هذا الكلام عن أبسط متابع للانتخابات في المغرب؟
    على بوبكر مراجعة النظام الانتخابي المغربي الذي لا يشترط إلا التسجيل في اللوائح الانتخابية ولو كان المسجل يحمل 17 جنسية. التسجيل في اللوائح الانتخابية مؤشر على رغبة صاحبه في المشاركة في الانتخابات ولا قيود استثنائية على أي مغربي من مغاربة العالم لأن المواطنة في المغرب ليست درجات وطبقات. المغاربة سواسية ولا فضل لأحد على غيره إلا بمقدار ما يعطي لهذا الوطن الذي لن نوفيه حقه ولو بذلنا المهج وليس مثل من يعتز بمواطنته فقط في حالة الانتفاع ويتمرد عليها إن حرم العطاء.
    كعادة الطوابرية، يريدون سرقة هذا النصر التاريخي من المغرب ونسبته للغير. ادعاء أن هؤلاء اللاعبين ليسوا منتوجا مغربيا كذب في كذب. لقد عبر أبو وائل في بوح سابق أن نصر اليوم هو نتيجة لتخطيط قبلي وسياسة كروية ناجعة واختيارات للدولة منذ سنين ونعيش اليوم لحظة قطف الثمار. هل يمكن عزل هذا الإنجاز عن التتويج المستحق للفرق المغربية في كل البطولات القارية؟ ليراجع هؤلاء الطوابرية مربع البطولات الإفريقية وسيجدونها لا تخلو من فرق مغربية مثل الوداد والرجاء والجيش والفتح وبركان. هل هذه مصادفة؟
    لقد كان لافتا للانتباه شهادة العديد من النجوم حول جودة تكوين الكثير من اللاعبين الذين فاجأوا العالم ومنهم من يستحق أن يكون في التشكيلة المثالية لبطولة العالم مثل أوناحي. الكثير من هؤلاء اللاعبين هم منتوج لأكاديمية محمد السادس، وهم خمسة تحديدا. الحارس المصري الأسطورة شوبير قدم شهادته وانبهاره لاتحاد الكرة المصري وهو ينقل لهم تجربة هذه الأكاديمية التي أنشئت بتوصية ملكية وحملت اسم جلالة الملك. تحدث شوبير أمام العموم عن الإمكانيات المتوفرة في هذه الأكاديمية والقدرة على الموازنة بين الدراسة والرياضة والجودة الرفيعة لبرنامج التدريب. لماذا يتناسى الطوابرية كل هذه الجهود والتخطيط؟
    لن أختم بوح هذا الأسبوع دون الحديث عن استمرار تحرش المراسلين الذي فاقوا كل الحدود في الكذب على المغرب. بشكل غريب تقرر هذه المنظمة منح جائزة لعمر راضي المحكوم في قضية شائكة موضوعها اغتصاب بالعنف لزميلة صحافية تحركت النيابة العامة بعد تلقي شكايتها وعرض خلالها عمر راضي للتحقيق ونال حقه في محاكمة عادلة فصدر ضده حكم قضائي يقضي عقوبته السجنية بعده. ما علاقة كل هذه الوقائع بالصحافة؟ ولماذا انحازت هذه المنظمة لصحافي على زميلة تشاركه نفس المهنة بدون الاستماع إليها؟
    تستحق هذه المنظمة تسمية “متحيزون بلا حدود”، وهي بهذا الفعل الشنيع تنضم إلى قائمة المؤسسات الفرنسية التي انخرطت في الحرب على المغرب بدون مبرر مثل فرانس 24 وإذاعة فرنسا الدولية، وهي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأنها ذراع الدولة الفرنسية لإخضاع وتطويع وترهيب كل من يخرج عن طاعتها، وهي في هذا لا تختلف عن أمنستي بالنسبة لانجلترا وفرنسا، وهيومان رايت ووتش بالنسبة لأمريكا.
    الحمد لله أن هذه الجوائز لا تصنع مجدا صحافيا بالمعني المهني، والحمد لله أن هذا التتويج لا يمنح براءة ولا يؤثر على قضاء البلدان المستقلة. والانحياز المفضوح لهذه المنظمة يمس ما تبقى لها من مصداقية لدى بعض الحقوقيين الذين كانوا لا يصدقون تبعيتها للدولة العميقة في فرنسا وخدمتها لأجندتها. ها هم يرون كيف تتوج المغتصبين وتبيض الصفحات السوداء لمتهم بالعمالة لدولة أجنبية عجز عن إثبات علاقة مهنية مع جهات أجنبية.
    حق للمغاربة أن يفخروا بمغربهم ويعيشوا زمن الانتصارات ولا عزاء للطوابرية الذين يعيشون خريفهم ولم يعد لهم من مبيض سوى أصحاب الإرث الكولونيالي. هنيئا لكم تتويج المتحيزين بلا حدود فهذا أقل ما تستحقون. وسيفضحكم المستقبل أكثر حتى يعرف المغاربة جميعا عداءكم لهذا البلد وإنجازاته.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    عالم الزلازل الهولندي يحذر: هزات و زلزال مرتقبة بين 8 و 10 ماي