وجه حكام الجزائر في المرآة

وجه حكام الجزائر في المرآة

A- A+
  • وجه حكام الجزائر في المرآة

    نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” روبورتاجا لمراسلها روجر كوهين يوم الأحد الماضي تحت عنوان دال: “وهران مدينة كامو تعطي صورة عن حالة الجزائر التي ترفض التغيير”، أكد فيه أن الجزائر بلد يحاول منع التأثيرات الخارجية والتغيير الممكن. حيث بقي في وهران لعدة أيام، يقول: “بالنسبة للمؤسسة العسكرية المتحجرة التي تدير الجزائر، فالسياحة والاستثمار الأجنبي هما بمثابة شبهة، كما هي المسارح ودور السينما والمكتبات. وهذه هي بلد الغرائب الذي يرفض الإمكانيات، وهو بلد يقوم على الشك بالأجانب كما أنه لا يزال في حالة حرب، يريد الشباب أن يخرجوا بسبب هذا البلد الكئيب.. بلد ممل، لا حرية ولا ترفيه، فالمال الضخم من احتياطات الغاز الطبيعي وتدفق النفط يذهب لطبقة أصحاب المصالح أو الأوليغارشيا والذين يحولون المال عادة لشراء العقارات في فرنسا».

  • ويختم مراسل نيويورك تايمز مقاله بحادث توقيف الشرطة الجزائرية لسيارته بسبب كون زجاجها غامقا ومعتما، واقتضى الأمر ساعات من التفاوض قبل الإفراج عنه وعن سيارته، فكتب خلاصة بليغة: «تريد السلطات الجزائرية أن تَنظر للداخل ولا تريد أن يُنظر إليها من الخارج، ولا أن تَنظر هي نفسها إلى التغييرات التي تجري بالخارج».

    هو ذا ما يجري بالضبط داخل الجزائر، بلد تريد سلطته أن تنظر إلى كل شيء داخل البلاد، وأن تتحكم في كل صغيرة وكبيرة تجري داخل المجتمع والإدارة وفي كل مرافق الحياة، لا حرية للتعبير أو التجمعات، لا ينشر شيء في الصحافة الجزائرية دون إذن المخابرات الجزائرية، وفي حالة أي انفلات يتم إغلاق الجريدة والزج بالصحافي في السجن، كما حال الصحافي والناشط من أجل الديموقراطية عبد الكريم زغيلاش الذي تمت إدانته بالسجن عامين مع النفاذ، والصحافي إحسان القاضي الذي قضت محكمة جزائرية الحكم عليه بالسجن النافذ ستة أشهر بسبب مقال تحليلي حول الحراك الشعبي، وفي يونيو الماضي حوكم الصحفي «عادل صياد» عامين حبسا نافذا، مع إصدار أمر بالقبض عليه، وأخيرا سجن الصحافي بلقاسم حوام من يومية «الشروق» بسبب مقال عن التمور الفاسدة والذي تهدده عشر سنوات من الاعتقال… ليس هذا إلا غيض من فيض مما حدث خلال سنتين، زد على ذلك متابعات نشطاء الحراك الشعبي حتى اليوم.

    تريد الجزائر أن تنظر حتى عبر الزجاج المعتم للداخل الجزائري، لكن لا تحب أن ينظر إليها من الخارج، لذلك رفض النّظام العسكري الجزائري في شتنبر الماضي استقبال المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرّية تكوين الجمعيات والتظاهر، الذي كان سيقوم بزيارة خاصّة للجزائر في 12 شتنبر الماضي، من أجل البحث في انتهاكات حقوق الإنسان بمنطقة القبائل، وحين يصدر أي تقرير من المنظمات الحقوقية الدولية، يتحدث عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تندد السلطات الجزائرية بالتدخل في الشؤون الداخلية أو تعتبر الأمر فيه أيادي أجنبية وغالبا ما يتم توجيه أصابع الاتهام إلى الجار الغربي حتى بدون دليل أو برهان.

    لا تحب النخبة الحاكمة أن ينظر لها من الخارج، لذلك نزلت بكل ثقلها لدى قصر الإليزيه في إدارة القناة الإخبارية الفرنسية «CNEWS، لإلغاء مرور تلفزيوني كان مبرمجا سلفا مع فرحات مهني زعيم «الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل»، أو ما يعرف بـ«الماك»، ببرنامج «Face à Rioufol»، يوم 2 أكتوبر الجاري، على الساعة الثامنة و25 دقيقة مساء، ألغت اللقاء والضيف في قاعة الماكياج بالقناة دقائق قبل بدء المباشر، لأن الجزائر تخشى من ينظر إليها من الخارج، لذا استنكرت السفارة الجزائرية في فرنسا تقرير صحيفة لوموند، الذي تناول الوضع السياسي في الجزائر تحت عنوان «الجزائر في مأزق استبدادي».

    والمهم كما قال صحافي نيويورك تايمز: إن السلطات الجزائرية تحب أن تنظر إلى الداخل ولا تحب أن ينظر إليها من الخارج، بل نضيف إليه إنها لا تريد أن ترى هي نفسها بأعين مفتوحة إلى الخارج، لأنه لو فعلت لتغيرت أمور كثيرة، وفهمت التحولات الكبرى التي تجري في العالم وفي المحيط الإقليمي وغيرت نهجها الاستبدادي في الداخل، وأسلوبها العدائي اتجاه جيرانها وأصبحت قراراتها أكثر براغماتية وأكثر عقلانية من هذا الحمق الذي وصل إليه حكام الجزائر.

     

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    عالم الزلازل الهولندي يحذر: هزات و زلزال مرتقبة بين 8 و 10 ماي