التعليقات ”الخايبة” والقرارات ”الخاوية”

التعليقات ”الخايبة” والقرارات ”الخاوية”

A- A+
  • خرجت علينا وزارة الثقافة والاتصال/قطاع الاتصال، نحن مدراء المنابر الإعلامية الإلكترونية، ببلاغ تدعونا فيه إلى فرض الرقابة على تعليقات الزوار ووجوب سحب التعليقات في حالة ثبوت الإساءة، مشيرة إلى أن تعليقات زوار الصحيفة الإلكترونية تخضع لمبدأ الحرية والمسؤولية.

    ودعا بلاغ الوزير الأعرج مدراء النشر أن يضعوا في الحيز المخصص للمساهمات الشخصية لمستعملي شبكة الأنترنيت وسائل ملائمة لمراقبة المضامين غير المشروعة، التي من شأنها تسهيل عملية الحجب وجعل الولوج إليها مستحيلا.

  • جميل جدا أن تدعو الوزارة الوصية على القطاع إلى “الالتزام بمبادئ المهنية في ممارسة العمل الصحفي، إدراكا منها بحجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجسم الصحفي، التي تفرضها حاجة المجتمع إلى المعلومة والمعرفة والتعبير الحر عن الرأي، وكذلك تكريسا لإعلام حر ونزيه ومتعدد ومسؤول ومهني”. وجميل أيضا أن تكون الوزارة في قلب القضايا الحيوية للإعلام والاتصال وأن تكون قلبا وقالبا مهتمة بمستجدات الإعلام الإلكتروني التي تتطور يوما عن يوم..

    لكن بالمقابل يجب ألا يكون قلب هذه الوزارة مع علي وسيوفها مع معاوية، صحيح أن بيانها الأخير حول تحميلنا كمدراء نشر للصحافة الإلكترونية مسؤولية تعليقات الزوار في وسائط التواصل الاجتماعي ليس سوى تفعيلا للمادة 36 في مدونة النشر والصحافة، لكن هل فكرت الوزارة الوصية لحظة قبل التنصيص على هذا البند، هل تمت استشارة المعنيين بالأمر، وأشهد كل زوارنا أن وزارة الاتصال لم تستشرني شخصيا باعتباري مديرا لأكبر وأول قناة إلكترونية بالمغرب، نحن من توجد أيادينا في “العصيدة” يوميا وفي كل دقيقة، وعملنا لا يعرف وقتا محددا للاشتغال، وعلى امتداد 24 ساعة كاملة، كيف لي شخصيا كمدير لأكبر موقع إلكتروني وأول تلفزة إلكترونية بالإضافة إلى الجريدة الورقية، أن أراقب يوميا صفحات جريدتي الإلكترونية في الفايسبوك والتويتر واليوتيوب وباقي وسائط التواصل الاجتماعي؟ وما هي هذه القدرة الخارقة التي تجعلني أراجع مرور أكثر من 7 ملايين زائر ومشاهد يوميا، ليل نهار على مدى 24 ساعة، في صفحة “شوف تيفي” على الفايسبوك لوحده، يترك الزوار يوميا ما بين 50 و60 ألف تعليق، هل لدي القدرة والقوة والطاقة والوقت لأطالع كمدير نشر كل التعاليق، وحذف ما لا يليق منها؟ أي مدير نشر يملك هذا الصبر ليس في هذا الكوكب الأرضي بل في كل الفضاءات الكونية يستطيع ذلك، آتونا به كنموذج يحتدى من فضلكم؟

    هناك نوع من “المبالغة”! – حتى لا أقول كلاما آخر – في البلاغات التي يصدرها أناس يجهلون حقيقة الميدان الإعلامي، ويفتقدون للخبرة والتجربة، ويكتفون بالجلوس وراء كراسي فاخرة وفي مكاتب أنيقة وقاعات مكيفة ويتفننون في إعطاء الدروس، تعالوا لتضعوا أياديكم في “العصيدة” التي تعتقدون أنها باردة؟ ووريونا آنذاك حنة أيديكم زوروا مكاتبنا لنصف يوم لتروا طوابير من المواطنين كلهم يصطفون في قاعة الانتظار كل واحد له قضية، ويجب أن تنصت كمدير نشر لتقرر ما يتوجب نشره وما يمنع لأنني أقر بمسؤولية المدير عما ينشر وما يعرض في موقعه الإلكتروني، لأن هذا جزء مؤسس لمهنة الصحافة، لكن هل الصحافي مسؤول عما ينشر من مادة إعلامية ومسؤول أيضا عما يخطه الجمهور؟ وبأي حق سيمارس دور الرقابة على ما يخطه الزوار والمشاهدون؟ فهو ليس مدير نشر الفايسبوك أو التويتر أو يوتيوب أو غيرهم ممن يفترض أن يكونوا مسؤولين عما ينشر من تعليقات مسيئة، وهم من يسمحون حتى بفتح حسابات ببروفايلات بصور وأسماء مشينة، أم أن المواقع الإلكترونية هي الحائط القصير في هذه العملية؟
    وفوق هذا وذاك هل يعلم السيد وزير الثقافة والاتصال بكافة أجهزة وزارته والحكومة التي يعمل ضمن فريقها بكافة خبرائها ومستشاريها، و.. و.. و.. أن إدارة الفايسبوك تشدد علينا حذف أي تعليق، وأن كثرة حذف التعليقات تعرض الصفحات للموت البطيء بفعل ضرب التفاعل في مقتل، هناك آلاف التعاليق التي لا نقوى حتى على قراءتها يوميا وبعضها يشبعنا سبا وشتما نحن مسؤولي وصحافيي الموقع، ولكن ما لا يعرفه السيد الأعرج هو أن الأمر يتعلق بديمقراطية أخرى في العالم الافتراضي نحتاج الإنصات إليها لا غير، أما الرقابة فدوما مقيتة في الصحافة فبالأحرى أن يمارسها مدير نشر موقع إلكتروني، وإلا فلتعين الوزارة الوصية رقيبا يطالع كل ما ينشره القراء والزوار ويحذف ما بدا له ونعود إلى زمن حذفته الرقابة. اتركوا لنا الحرية.. فطواعية منا نقوم بالرقابة الذاتية إيمانا منا بقدسية هاته المهنة وحبا في هذا الوطن.. أما تطويقنا بهكذا قوانين غريبة فلن يفيدنا جميعا في شيء.. هذا رأيي ولكم واسع النظر.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث