على وزير الصحة أن يستقيل

على وزير الصحة أن يستقيل

A- A+
  • الوباء ابتلاء من الله، ومرض أنفلونزا الخنازير قد يصيب دولة متخلفة كما قد يصيب دولة متقدمة من حجم اليابان، ولا يمكن أن نحمل وزره لا لأطبائنا الذين قد يكونون هم أيضا عرضة وضحايا له، ولا لوزير الصحة ولا لرئيس الحكومة..

    لكن ما هي التدابير الاستعجالية التي قامت بها وزارة الصحة بعد أن انتشر المرض وأخذ يخلف ضحايا، منذ أول ضحية حتى أصبحنا نحصي عدد الضحايا، مع فزع وهلع المغاربة؟

  • بلاغات وزارة الدكالي بدت باردة، إن “وزارة الصحة خصصت خلية مركزية للتتبع المستمر ودون انقطاع”، وأن “هناك تعبئة لكل الأطقم الطبية والصحية من أجل الاستقبال، كما أن الأدوية متوفرة في جميع المستشفيات والمصحات” و”الوضع الوبائي والفيروسي لا يختلف عن السنوات الماضية”، وبعدها قال بلاغ آخر كشف الوزير المحترم على هامش لقائه بمسؤولين داخل مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض، أن “المعطيات التي تتوفر عليها الوزارة تفيد بأن الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير محدودة”، فيما ظلت وسائل الإعلام تؤكد معطيات مغايرة، وأن عدد المصابين أخذ يرتفع هنا وهناك، ليقول أنس الدكالي من وراء مكتبه الفخم والمكيف وكرسيه المريح أن عدد المتوفين جراء الإصابة بالوباء الذي أصبح المغاربة يحفظونه عن ظهر قلب “N1H1″، جد محدود وارتفع إلى 16 حالة، ومس بالأساس المواطنين البالغين أكثر من 65 سنة، والمصابين بأمراض القلب والشرايين وضيق التنفس والسكري، والأطفال بين 5 أشهر و6 سنوات، فضلا عن النساء الحوامل”.

    ورغم أن القضية شغلت بال الرأي العام ووصلت إلى البرلمان مساء الإثنين الماضي، حيث تعرض وزير الصحة، أنس الدكالي، لانتقادات الفرق والمجموعات النيابية خلال جلسة برلمانية عامة، بسبب ما وصفه نواب الأمة بسوء تدبير وتواصل الوزير في مسألة انتشار أنفلونزا الخنازير بالمغرب، إلا أن الوزير المحترم ظل رابط الجأش قوي الشكيمة، وقال: “لا للتهويل”، فيما الأخبار تتوالى عن فتك الوباء القاتل بضحايا جدد في مدن الدار البيضاء، طانطان، الرباط، طنجة، أزيلال… والسيد الوزير جد مطمئن ويرفض أن يَفزع المواطنون، أو أن يتم تَهويل الأمر، وفي البدء قال بلهجة فيها جرأة مستفزة بأن الوباء لم يفتك سوى بـ 9 أشخاص (ارتفع إلى 16 حالة إلى حد الآن) والأحوال مستقرة والحمد لله، ونغمة العام زين..

    لو كنا في بلد يحترم مسيروه الإنسان والمواطن لأقام وزير الصحة الدنيا ولم يقعدها بعد توالي عدد ضحايا مرض أنفلونزا الخنازير، ولو كنا في بلد يحترم فيه الوزراء والمسؤولون عن إدارة الشأن العام أنفسهم، لقدم أنس الدكالي استقالته بحكم مسؤولية وزارته عن الصحة العمومية، لاعتبارات عديدة، أهمها الفراغ المهول الذي تركته وزارة الصحة بعد تناسل الإشاعات واختلاط المعطيات بالأخبار الزائفة حول سقوط وفيات وضحايا بسبب الفيروس القاتل، وشكوى مواطنين من المرضى من عدم وجود الدواء في الصيدليات، وحديث عن خطورة اللقاحات المضادة لمرض “أنفلونزا الخنازير”، بالإضافة إلى التصريحات الخشبية والمتناقضة التي أسهمت في ارتفاع منسوب الخوف والفزع لدى المواطنين، حتى أصبحنا نرى أشخاصا يرتدون الكمامات الطبية، وآباء وأمهات يرفضون توجه أبنائهم إلى المؤسسات التعليمية خوفا من إصابة فلذات كبدهم بالفيروس القاتل. وسبب آخر وجيه كان يفرض استقالة الوزير أنس الدكالي لأن وزارته لم تقل الحقيقة للمغاربة بعيداً عن لغة الخشب والتطمينات الفارغة.. ومجرد اعتبار 16 ضحية من وفيات الفيروس القاتل، حالات محدودة.. هو استهتار بأرواح المغاربة، كبشر رخيص، لا قيمة له، وهذا قمة الاستهتار، فهنالك فرق بين قول الحقيقة، وبين عدم تهويل الموقف وإفزاع المغاربة والاستهانة بأرواحهم.

    سبب آخر كان يفرض تحمل وزير الصحة لمسؤوليته بجرأة أخلاقية ليس لأنه هو من أتى بالفيروس القاتل، ولكن لعدم اتخاذ وزارة الصحة للتدابير الاستباقية وتوفير أدوية ولقاحات في الوقت المناسب والتدخل الناجع في مختلف أقاليم وعمالات المملكة.. وخفض سعر الدواء المخصص لمعالجة فيروس H1N1، زد على ذلك أن معهد “باستور” وخلاف ما كان يحدث في السابق، لا يتوفر على أطر طبية لإنتاج لقاحات في المغرب اليوم.
    أما أن تكون لوزير الصحة الجرأة فقط ليقول بأن وزارته ستقوم بإعداد تقرير مفصل حول “أنفلونزا الخنازير”، سيتم تعميمه على وسائل الإعلام والرأي العام.. فعلينا انتظار عام الفيل لنرى التقرير الموعود.. آسي الوزير، راه المغاربة لا يحتاجون الآن لهاذ التقرير. راهم باغيين اللي يطمأنهم ويقوليهم الحقيقة فقط، أما الاستهانة بحالهم فتلزم أن تجمع حقائبك وتعتذر للأرواح التي سقطت ضحية الفيروس القاتل وتطلب منهم السماحة…

    فرحمة الله على شهداء هذا المرض الفتاك… والصبر والمغفرة لمن قادته الأقدار إلى زيارة مستشفياتنا العمومية منها والخاصة… آمين!!!.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الملك يبعث برقية تهنئة لبيتر بيليجريني بمناسبة انتخابه رئيسا لجمهورية سلوفاكيا