موسم الركوب والحمار الأعرج

موسم الركوب والحمار الأعرج

A- A+
  • أثارت الشروط الجديدة التي فرضتها وزارة التعليم لاجتياز مباريات الالتحاق بأطر الأكاديميات، خاصة شرط سن الثلاثين كحد أقصى، جدلا واسعا وسط المغاربة خاصة الراغبين منهم في ولوج مهنة التعليم، والحقيقة أن النقاش الذي فتحه قرار شكيب بنموسى يدعو لطرح أسئلة جدّية من طرف المعطلين والطلبة والنقابات المهنية والإعلام والمجتمع المدني وكل المهتمين بشؤون التعليم ببلادنا، من مثل التساؤل حول الدوافع التي حملت الوزير شكيب بنموسى على سن شرطي الثلاثين ومعيار الانتقاء  وما مدى قانونيتهما خاصة وأن النظام الأساسي للوظيفة العمومية يحدد السن القانونية للتوظيف في 45 سنة، والأنظمة الأساسية الخاصة بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تحددها في 40 سنة؟ وما مصير الآلاف من الشباب الذين تجاوز سنهم الثلاثين خاصة من أصحاب الشهادات الذين يرون في التعليم فرصة ذهبية للهروب من جحيم البطالة؟

    المغاربة يريدون مدرسة الجودة التي تُسهم في نشر قيم المواطنة وتُساهم في الرُّقي الاجتماعي، وتسمح بتخريج مواطنين فاعلين يشاركون في تنمية البلاد، خصوصا المدرسة العمومية، التي فقد المغاربة ثقتهم الكاملة فيها، لكن هل يعتبر الإصلاح التقني حلا لمدرسة الجودة، إذ يحتاج تعليمنا إلى مداخل ومخارج للإصلاح تراعي حاجيات المجتمع وأيضا إمكانيات وطبيعة العنصر البشري فيه.. هذا اختلاف مشروع وحيوي لكن بالمقابل هناك من يريد الرُّكوب على قرار وزاري نتفق أو نختلف حوله، مجال نقاشه هو المؤسسات والإعلام وجل وسائط التواصل المتاحة للتعبير عن مساندة أو معارضة مثل هذا القرار، لكن من غير المقبول سعي البعض لاستغلال كل الفرص للركوب على قضايا جزئية في المجتمع لغرض في نفس يعقوب.. ثمة اختراقات خطيرة وغريبة لوسائط التواصل الاجتماعي أغلبها من أجهزة الاستخبارات الجزائرية ومليشيات البوليساريو، التي تلعب اليوم في حقول التواصل الاجتماعي بعد نجاحها في اختراق حسابات مغربية، تجيش الشارع العام وتحاول أن تجعل من كل حبة قبة..

  • جربنا الأمر مع قرار فرض الحكومة إلزامية جواز التلقيح، حيث سعى البعض إلى تجييش الشارع لتحويل قضية قد نختلف حولها، وقد نعبر عن رفضنا لها بكل أشكال الاحتجاج السلمي، لكن أن تتم محاولة الركوب عليها وتسييس القضية وتحويلها قضية مركزية ورفع شعارات أخطر من الحديث عن التلقيح وجوازه، فهذا يدل أن الشيطان يلعب في مطبخنا الداخلي وإن بقفّازات تبدو مغربية.. نفس الشيء نلاحظه اليوم مع اعتراض العديدين على فرض وزارة بنموسي سنَّ الثلاثين كحد أقصى لولوج أسلاك التعليم، لكن يبدو كما لو أن الأمر عبارة عن حق يراد به الباطل، فهذه الحركات التسخينية التي تزخر بها وسائط التواصل الاجتماعي حول قرار بنموسى، دليل واضح على أن هناك من يريد أن يركب على قرار وزاري لمآرب أخرى، هؤلاء الذين يُشبهون الضفادع لا يعيشون إلا في «الخواض» والبرك الآسنة، ولا يسمع لهم صوت إلا في اللحظات المناسبة لخلق أزمات ميكروسكوبية، وتضخيمها لتغدو كبيرة تستقطب انتباه الرأي العام، لكن نقول لكل قناصي الفرص من أجل الإساءة إلى هذا البلد الأمين أن جميع محاولاتهم ستنكسر على صخرة الواقع، لأن المغاربة أصبحوا على وعي حاد بمن يغيظه استقرار المغرب ونجاحاته وانتصاراته المستمرة في قضاياه الحيوية، المغرب فيه مشاكل كبرى، والمغاربة اعتادوا أن يكونوا مثل البنيان المرصوص لمواجهة كل التحديات التي يصادفها وطنهم، قضية جواز التلقيح كما فرض شرط الثلاثين لولوج مهنة التدريس ليست إلا نقطة صغيرة في بحر المشاكل الحقيقية التي يسعى المغرب دولة وشعبا من أجل حلها وتحقيق تنمية مستدامة واللحاق بالرَّكب الحضاري الذي نطمح إليه، ونحن نُريد انتهاز فرصة الأزمة الكونية للإقلاع الاقتصادي الكبير والواعد، لكن هناك بيننا من يريد الرُّكوب على أي حمار أعرج أو أجرب من أجل التشويش وخلق الفتنة لا غير وليس قلبه لا على التعليم ولا الصحة ولا على المغاربة، إذ يعتقد أنه «إلى تقربلات غا تكون أحسن».. لكن المغاربة ليسوا سذَّجا وهم يعلمون جيدا أين تكمن مصلحتهم ويقدرون كيف السبيل إلى مستقبلهم.. فكفوا شرَّكم عنا أيها الانتهازيون والعابثون بوطننا.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    تعزيز التعاون البرلماني بين المغرب وصربيا في صلب مباحثات ببلغراد