حلت الذكرى، فمن انتصر

حلت الذكرى، فمن انتصر

A- A+
  • حدثان مفصليان في الذاكرة المغربية عرفهما المغرب في منتصف هذا الشهر، حدث إجرامي مزلزل، جسدته أحداث 16 ماي
    اإلرهابية، بكل تداعياتها المؤلمة واألهداف المقيتة لمن خطط لها ونفذها، وحدثان في واحد: يتمثالن في احتفاء المغرب بذكرى تأسيس
    ..القوات المسلحة الملكية يوم 14 ماي وتأسيس األمن الوطني يوم 16 ماي
    الحدث األول، ذكرى جريحة استهدف فيها اإلرهاب األسود قلب أكبر مدينة مغربية، كنا نعتقد أن اإلرهاب دوما هو مشكلة اآلخرين،
    نقرأ عنه ونتألم لضحاياه في بلدان مجاورة أو بعيدة بحكم التضامن اإلنساني للمغاربة ونعود لحياتنا المطمئنة واآلمنة، وفجأة أصبح
    اإلرهاب الدموي بيننا ويستهدف المواطنين األبرياء منا، بغاية زعزعة استقرار الوطن اآلمن، وإدخاله في دوامة الخوف والرعب
    .والموت والدم
    الحدث الثاني فيه اعتزاز وافتخار بمؤسستين حيويتين ضامنتين الستقرار المملكة، الجيش واألمن، مؤسستان ظلتا في خدمة الوطن،
    ..دودا عن حماه وحفاظا على أمنه واستقراره
    تزامن ذكرى أليمة هي 16 ماي اإلرهابية مع حدث تأسيس األمن الوطني، له اليوم أكثر من مغزى، فوضعنا بعد 20 سنة على الجمعة
    السوداء التي اهتزت فيها الدار البيضاء على التفجيرات اإلرهابية، يدل على انتصار األمن على اإلرهاب، االستقرار على الفوضى التي
    سعى التطرف إلحداثها في قلب المملكة، بفضل هؤالء األبطال من نساء ورجال األمن انتصرت دولة ومجتمع يحضن مؤسسات السيادة
    ..ويساندها، لقد انتصر الحق على الباطل، إن الباطل كان زهوقا
    بين 16 ماي 2003 و16 ماي ،2023 عقدان من الزمن، انتصرت فيهما إرادة الخير على محور الشر، تم تفكيك المئات من الخاليا
    النائمة وتحييد العشرات من الذئاب المنفردة، وأبدعت المملكة منهجية استباقية، تضرب بقوة في قلب جذور التطرف وخطابات الكراهية
    والجماعات التي أعلنت عن والئها لتنظيم الدولة اإلسالمية )داعش(، قبل تحركها، وهو ما جعل األجهزة األمنية المغربية محط تقدير
    وإعجاب من طرف العديد من الدول العظمى، التي عملت أجهزتها األمنية على التنسيق مع نظيرتها األمنية المغربية، التي قدمت
    مساعدات للعديد منها أنجتها من كوارث إرهابية وأنقذت أرواحا عديدة من ألمانيا إلى إسبانيا ومن فرنسا إلى هولندا ومن روسيا إلى
    أمريكا حتى إنجلترا… الكل أشاد بالمقاربة األمنية المغربية في مجال مكافحة اإلرهاب، لم؟
    ببساطة ألنه بفضل اإلستراتيجية الملكية المندمجة والتشاركية، لم يقتصر األمر في محاربة اإلرهاب على البعد األمني برغم أوليته
    االستعجالية من تفكيك شبكات إرهابية وتقوية المؤسسة األمنية، بل على رؤية بعيدة المدى، تجمع أبعادا ومجاالت عديدة، تجفيف المنابع
    التي يأتي منها التطرف واإلرهاب، تحسين مستوى عيش الساكنة، القضاء على مدن الصفيح التي أتى منها معظم المتطرفين من خالل
    مشاريع السكن االقتصادي، تنمية مستدامة، ومقاربة دينية تتمثل في تكوين األئمة داخل وخارج المغرب، وإعادة النظر في المناهج
    التربوية وغربلة النصوص التعليمية التي ال تتماشى مع اإلسالم المتسامح والمعتدل الذي ميز المغاربة طيلة تاريخهم، وأيضا ألنه وجد
    على رأس هذه المؤسسة رجل اسمه عبد اللطيف حموشي الذي بحكم تخصصه في مجال الحركات اإلسالمية واستراتيجيته الجديدة لما
    يسمى الضربة االستباقية، أعطى نفسا عميقا للمؤسسة األمنية التي كانت وال تزال سدا منيعا حصن الوطن من ضربات إرهابية استهدفت
    زعزعة أمنه واستقراره، ثم هناك حيوية مجتمع يحضن المؤسسة األمنية ويعتبرها جزءا منه، ولعل ما حدث في فاس بمناسبة ذكرى
    .تأسيس األمن الوطني خير معبر عما قلت.. فاللهم احفظ هذا البلد اآلمن بملكه وشعبه ومؤسساته

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الرباط: ليلة أمس الخميس أبرد ليلة في شهر ماي منذ سنوات بعدة مدن مغربية