متحيزون بلا حدود.. إلا للحقيقة

متحيزون بلا حدود.. إلا للحقيقة

A- A+
  • لم يعد ممكنا اليوم تسمية منظمة مراسلون بلا حدود RSF بهذا الاسم أبدا، لسبب بسيط هو أن المنظمة الصحافية التي يفترض فيها الدفاع عن القيم المهنية والقواعد الأخلاقية للصحافة، هي أول من ينتهكها، بل هي آخر ما تفكر فيه أثناء إنجاز تقاريرها، الأمر لم يعد يحتاج إلى برهان، إذ لا يمكن تغطية شمس الحقيقة بغربال الكذب، ويمكن الاستدلال بثلاث وقائع في هذا الباب، الأول هو التصنيف الذي منحته منظمة «متحيزون بلا حدود» للجزائر في سلم احترام حرية التعبير، حيث قفزت إلى المرتبة 136 من أصل 180 دولة شملها التقرير وصنفها السادسة عربيا، ورغم مسرحية سخط النظام الجزائري على تقرير منظمة «مراسلون بلا حدود»، فقد استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خالد درارني، ممثل المنظمة بشمال إفريقيا، في اليوم العالمي لحرية الصحافة. كمكافأة واعتراف بتلميع منظمة متحيزون بلا حدود صورة نظام الكابرانات، إذ كيف يمكن تقبل تصنيف كهذا واعتباره تحسنا في سنة سوداء في حياة حرية الصحافة بالشقيقة الجزائر، غلق وسائل إعلام، التحكم في خريطة الساحة الإعلامية، واعتقالات وأحكام بالسجن لمدد طويلة لا يقبلها لا طبيعة الجرم المفترض الملفق لصحافيين معارضين ولا القانون على علاته، كيف يمكن أن تجعل منظمة «متحيزون بلا حدود» الجزائر متقدمة عن وضعها السابق في ظل إصدار قانون للصحافة ندد به الإعلاميون والحقوقيون الجزائريون لأنه يعيد الصحافة الحرة الجزائرية إلى فترات مظلمة؟ ما علاقة النافذين في فرنسا اليوم بطبيعة هذا التصنيف الأخرق والمجافي لحقيقة الأوضاع المأساوية للصحافة الجزائرية التي يعرفها القاصي والداني فقط لاسترضاء نظام العسكر المتلاعب به هناك؟
    بعد آخر يطعن في استقلالية المنظمة الصحافية التي يوجد مقرها بباريس، هو ترقية فرنسا في حرية الصحافة من الرتبة 26 إلى 24، في أسوء سنة تمر منها الصحافة الفرنسية، وهو ما أثار سخط الصحافيين الفرنسيين المستقلين حقيقة، والذين يعانون من تدخلات رجالات السلطة النافذين في توجيه وسائل الإعلام في فرنسا الحرة، فرنسا الإعلام المستقل المهني، الرافض لأي تحكم أو توجيه أو توظيف لا يخدم الحقيقة، والحقائق بلا حدود التي تفضح المتحيزين بلا حدود..
    وبخصوص المغرب، من أين استقت منظمة «مراسلون بلا حدود» الفرنسية تقريرها غير المحايد حول حرية الصحافة التي هي في أقل تقدير أحسن بكثير من وضع الصحافة بالجزائر، بل من غير العدل وضع حرية الصحافة بالمملكة في مقارنة مع وضع الصحافة الجزائرية؟
    أولا اعتمدت منظمة متحيزون بلا حدود على تصريحات المستفيدين من الريع الصحافي بالمغرب ممن يدافعون عن استمرار نهب المال العام بلا حسيب ولا رقيب ولا يهمهم لا تقوية المقاولات الإعلامية ولا حرية الصحافة ولا تحسين الوضع الاجتماعي للصحافيات والصحافيين ولا هم يحزنون، بل كل همهم بالدرجة الأولى حماية مواقعهم والدفاع عن امتيازاتهم تحت قفازات الحق الذي يراد به باطل، والذي أصبح يجمع اليوم شبكة غريبة حتى من الإعلاميين المهنيين بيننا ممن لا تخدمهم الحكامة ولا المحاسبة ولا استقامة الشأن الصحافي بالمغرب، ثاني مصادر المنظمة الإعلامية يا سادة في إنجاز تقريرها الأسود حول المغرب في مجال حرية الصحافة هم ماضي الإعلام وإطاراتهم المهينة المتهالكة التي تقتات من الريع والوزراء الإعلاميون الفاشلون الذين لم ينجحوا في تدبير وزارة الاتصال التي كانوا يشرفون عليها ولا حتى في القطاعات الأخرى التي أوكلت إليهم ووجدوا أنفسهم خارج مورد الوزارة بلا حمص، فقد استيقظوا بعد سبات لتقديم تصريحات مضللة حول التنظيم الذاتي للمهنة، هؤلاء أيضا هم من اعتمدت عليهم منظمة «مراسلون بلا حدود» ولو كان فيهم الخير لكان قطاع الصحافة سيعرف انتعاشا على يدهم حين كانوا في مواقع المسؤولية بوزارة الاتصال، لذلك لا يمكن أن ننتظر الموضوعية والمهنية من الفاشلين وممن يريدون العودة إلى مواقع المسؤولية من باب التصريحات المضللة، وإذا أضفنا إلى هؤلاء كل شتات الطابور الخامس من الحاقدين على المملكة الذين لا يمكن أن تقنعهم بأي تغيير أو تحسن حتى في أداء الفريق الوطني لكرة القدم، لأنهم سيقولون لك إن المخزن يستخدم الكرة لإلهاء الناس في كأس العالم، لذلك نتفهم حزنهم لحظة تحقيق المنجز الوطني، ولا ننتظر منهم أن يقدموا تصريحات موضوعية لفائدة وطنهم لأنهم بلا روح وطنية، ومنظمة تعتمد هذه المصادر دون أي توازن أو موضوعية أو مهنية… أتفهمون لماذا اعتبرتها منظمة متحيزون بلا حدود لا تنشر سوى الأكاذيب والتضليل؟

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي