الكتلة الإعلامية المناهضة للتغيير والإصلاح

الكتلة الإعلامية المناهضة للتغيير والإصلاح

A- A+
  • الكتلة الإعلامية المناهضة للتغيير والإصلاح

    يحضرني اليوم المصطلح الجميل الذي اجترحه المناضل الراحل عبد الرحمان اليوسفي حين قاد حكومة التناوب التوافقي ووجد مناوئين من الحرس القديم للمشروع الإصلاحي الذي قاده رفقة الملك الراحل الحسن الثاني ووارث عرشه جلالة الملك محمد السادس، حيث أطلق عليهم “مناهضو التغيير” أو “الكتلة المناهضة للإصلاح”، هو هذا بالضبط ما يحصل اليوم في مجال المرحلة التي يمر منها التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة ممثلا في انتخاب المجلس الوطني للصحافة، والتي يريد البعض إقبارها وقراءة صلاة الجنازة عليها، لسبب بسيط هو أنه ليس جزءا منها بل هو نفسه في زمرة من يستهدفهم الإصلاح والتغيير في المرحلة القادمة.
    لقد ساندنا كجمعية وطنية للإعلام والنشر إحداث مشروع قانون لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، إيمانا منا بأنه لا يمكن أن نعيد تكرار نفس تجربة البلوكاج التي عاشها المجلس الوطني للصحافة مع مخلفات الحكومة السابقة التي لم تشرع القوانين اللازمة الكفيلة بتطوير القطاع الإعلامي الوطني الذي مر بتجربة قاسية بسبب وباء كورونا، لا زالت تداعياتها قائمة اليوم والتي يريد البعض الركوب عليها ليبرز كما لو أن المجلس الوطني السابق للصحافة هو المسؤول عنها، وتقديم نفسه في جبّة المهدي المنتظر لملء الصحافة عدلا بعد أن ملئت جورا، وهذا كذب بيّن على الرأي العام وضحك على الذقون، لأن من يقيمون جنازة على الصحافة بالمغرب هم قلة قليلة فاشلة في تسيير مقاولاتها أو في تجربتها المعيشة، فبالأحرى أن تتولى مهمة تطوير التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر، لذلك على الرأي العام أن يعلم حقيقة من يدعون اليوم المظلومية ويتباكون على أطلال الريع الإعلامي، الذي ندافع كجمعية وطنية للإعلام والنشر من أجل محاربته ونتجند من أجل حاجة الصحافة لشفافية المقاولة وللحكامة، نعم.. ومرحبا بالمجلس الأعلى للحسابات، فبيتنا من زجاج وسنرى يومها من يدافع عن تطوير التنظيم الذاتي لمهنتنا التي اختلط فيها الحابل بالنابل بسبب سياسة حشد كل من هب ودب ليقرر في مؤسسات دستورية، وهنا لا أقصد المقاولات الإعلامية الصغرى التي تحترم المهنة وتحترم روح الشفافية فهؤلاء لا يمكن إلا أن يكونوا مع مشروع إصلاح الإعلام والنشر بالمغرب الذي ندافع عنه كجمعية وطنية لأكبر المقاولات الصحافية إرثا وتاريخا ومهنية وشفافية.
    قلنا إنه لا يمكن تكرار التجربة السابقة للمجلس الوطني للصحافة برغم ما قدمته كتجربة تأسيسية لهيئة دستورية، والانتقادات الشخصية الصغرى الموجهة لأعضائها تفتقد للموضوعية ومحركها غير نزيه وبعضها مدفوع الأجر لأنه مكتوب بنفس الحبر من ذات المحبرة التي يدافع أصحابها عن الريع الإعلامي والمصالح الأنانية، فالانتخابات ليست غاية في حد ذاتها فكم أتت صناديق اقتراع الديمقراطية الكمية بدكتاتوريين وانتهازيين وانتفاعيين، ولا بد من مرحلة انتقالية لإعداد اللوائح القانونية التي تسمح للهيئة الجديدة للمجلس الوطني للقيام بمهامها بالجدية اللازمة أمام المهام الكبرى المطروحة على عاتق التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، فالمغاربة ساخطون على هذا التناسل غير المبرر في المنابر والصحف التي نصفها لا يوظف صحافيا واحدا ولا سكرتيرة حتى، إذ المدير هو رئيس التحرير والصحافي والتقني ومنشط وسائط التواصل الاجتماعي والذي يتولى جمع الإعلانات والاتصال بالشركات، وهو ما أثر سلبا على مصداقية الجسم الصحافي.. نحن ندافع عن تقوية مهنة الصحافة والحفاظ على حرمتها من أجل مقاولات إعلامية قوية تساهم في التنمية وتشكل إضافة جديدة للمهنة، يكون فيها للصحافيين وضع اعتباري ووضع اجتماعي مستقر، لذلك اقترحنا الزيادة في أجور الصحافيات والصحافيين لأنهم عمدة المقاولة الصحافية كنوع من الاستثمار في الموارد البشرية، بدل أن ينعم البعض في بحبوحة الترف والبذخ ولهف المال العام، فيما أوضاع الصحافيين لم تتطور منذ زمان بعيد والمقاولات التي يسيرها هؤلاء الإعلاميون الريعون لا تلمس مظاهر الترف والرخاء إلا على مديريها فقط الذي يركبون أحسن السيارات ويمارسون رياضات الترف البورجوازي على حساب الأوضاع الاجتماعية للصحافيين.
    هذه هي حقيقة معركة إصلاح القوانين قبل انتخاب الهيئة الدستورية للتنظيم الذاتي للمهنة، وبيننا المستقبل حين يتعرى الريعيون وتكشف عوراتهم ويوقف عنهم المدد والصنابير التي اغتنوا منها.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    إنوي يحصل على شهادة  HDS لاستضافة وإدارة بيانات الصحة