إنهم يتساقطون تباعا

إنهم يتساقطون تباعا

A- A+
  • في ظرف وجيز ومتقارب فقدنا ثلاثة أعمدة للصحافة الوطنية، فجأة واحدة رحل عنا ثلاثة أهرام في الإعلام الوطني سقطوا تباعا مثل الأشجار الوارفة الظلال، ذلك قدر لله الذي لا راد له فالموت علينا حق، لكن بما أننا كجيل أصيل من الصحافيين سليلي أهرام كبيرة في الصحافة المغربية فإن علينا حق الوفاء للجيل الذي جاء بعد الرواد المؤسسين، ذلك هو نبل الاعتراف التي تفرضه علينا التقاليد الوطنية بأثر ووشم من عبروا قبلنا أو برفقتنا المشهد الإعلامي وتركوا بصماتهم جلية على الإعلام الوطني.
    رحل عبد لله العمراني صاحب «الرجل الذي قتل القمر» إلى دار البقاء، بعد أن قدم خدمات جليلة للإعلام الوطني، عاشرت الرجل عن قرب بأخلاقه المثالية، صبور، كريم، متعفف، ودائم الحضور بغيرته الكبرى على قضايا الوطن، منذ أن شغل منصب المدير الجهوي لمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء في الدار البيضاء عام 1975، قبل أن يؤسس مقاولته الخاصة في مجال التواصل، ويساهم في إطلاق فعاليات اقتصادية وثقافية، من قبيل المعرض الدولي للدار البيضاء ومهرجان تطوان الدولي. كان الراحل عبد لله العمراني مزدوج اللسان وبصمت منشوراته باللغة الفرنسية خاصة «ليكونوميست» وأسبوعية «لافيريتي» الحقل الإعلامي، فضلا عن صحيفتين باللغة العربية، هما «الدار البيضاء» و«المصير»، وأسسنا معا الفدرالية المغربية للإعلام «FMM»رفقة نخبة من زملائي الناشرين المؤثرين آنذاك التي جاءت كتصحيح لمسار مسؤولي نشر الصحف بالمغرب.
    ثم تبعه رحمة لله عليه خليل الهاشمي الإدريسي الذي يعتبر اسما شامخا في الإعلام المغربي، ظل يضع قضايا الوطن فوق أي اعتبار وانحاز لأولوية المؤسسات وبنائها ودعمها باعتبارها الضامن الأساسي لأي تحول ديمقراطي، وما تخلى عن واجباته حتى وهو على فراش المرض الذي أنهكه، كان مؤلف (الأوراق الزرقاء) يوميات مغربية 1994 – 2000 مثقفا وأديبا وصحافيا بارزا، ومنذ عام 2011، تاريخ تعيينه من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس على رأس وكالة المغرب العربي للأنباء، كثف الفقيد من المبادرات وإطلاق الأوراش المبتكرة والعملاقة التي غيرت وجه الوكالة بالكامل ومنحتها التألق والإشعاع الذي تحظى به اليوم على مستوى العالمين العربي والإفريقي.
    تميز المرحوم خليل الهاشمي الإدريسي بلغته الفرنسية الأنيقة، ولا عجب في ذلك فالرجل خريج جامعة السوربون، وعرف ككاتب عمود شهير، وكصحافي مشاكس مما أهله ليكون رئيس تحرير للزميلة أسبوعية (ماروك إيبدو أنترناسيونال)، قبل أن يؤسس سنة 2000 يومية (أوجوردوي لو ماروك) الصادرة باللغة الفرنسية.
    كان الراحل خليل الهاشمي الادريسي صديقا مخلصا ومحاورا يجيد الإنصات، ومنافحا كبيرا عن القضايا الحيوية للبلاد وقدم خدمات جليلة للإعلام الوطني، سنظل مدينين له بالكثير من اجتهاداته التي له فيها الأجرين معا.
    تم سقط هرم آخر، حيث فجعنا برحيل خالد الناصري الذي تحمل مسؤولية وزارة الاتصال في مرحلة دقيقة، وعشت معه في إطار محنتي الإعلامية الكبرى، قلق رجل دولة بغيرة وطنية بلا حدود، فقد قدم لقطاع الصحافة والاتصال بالمغرب خدمات جليلة، وكان معروفا رحمة لله عليه بصبره على النقد حتى اللاذع منه، حتى في لقاءاتنا بعد مقالات حارقة عنه في «المشعل» في إطار وظيفتنا الإعلامية، كنت ألمس أن الراحل يتعامل بتلقائية وبلا خلفيات وبلا أثر لهجومات الصحف وانتقادها، وهنا إحدى الفضائل الكبرى للروح الوطنية التي ميزت المرحوم خالد الناصري.
    رحمة لله على العمراني والهاشمي والناصري، ومن سبقهم بإحسان من عبد الجبار السحيمي إلى العربي المساري، ومن محمد باهي إلى مصطفى القرشاوي، وأدام الأصفياء الأحياء من أعمدة الصحافة الوطنية خدمة للبلاد والعباد.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    البرلمان: صراع داخل الفرق بسبب صرف الميزانية دون إخبار البرلمانيين