20 فبراير: ما تبقى لنا وما تبقى لهم

20 فبراير: ما تبقى لنا وما تبقى لهم

A- A+
  • مرت الذكرى 12 لحركة 20 فبراير، كل احتفل على طريقته بحركة احتجاجية لم يعد خافيا على أحد سياق حدوثها في إطار ما سمي كذبا وزورا بالربيع العربي، وكأي ذكرى، لا بد من دروس للاعتبار، فالماضي لا يتكرر سوى بصورة كاريكاتورية أو مأساوية، ولا يتكرر إلا بالنسبة للأغبياء الذين لم يفهموا ما وقع..
    من هذا الباب نبتهج بحركة 20 فبراير من حيث المنجز الذي نجحت في تحقيقه، ضمن مسار قادت فيه الدولة المغربية ربيعا انتقاليا بدأ منذ نهاية التسعينيات وتعزز مع المشاريع الإصلاحية والتنموية الكبرى للملك محمد السادس، عرف المغرب ربيعه الوطني مع تسوية مشاكل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتجربة العدالة الانتقالية المتفردة مع هيئة الإنصاف والمصالحة، والمصالحة مع الهوامش والمناطق المهمَّشة عبر مشاريع تنموية بنت الجسور بين مختلف المناطق المغربية ومشاريع تنموية أخرجت الكثيرين من المقصيين من الفقر والهشاشة، أنجز المغرب انتقاله الديمقراطي مع تجربتي تناوب ديمقراطي مع حكومة اليوسفي الاشتراكية وحكومتي ابن كيران والعثماني الإسلامية..
    ما تبقى لنا من ذكرى 20 فبراير هو شكل التعامل الذي قامت به الدولة مع مطالب الشباب والوعي بالأبعاد الخطيرة التي كانت تصنع في الدهاليز السرية لمخابرات القوى العظمى وهو ما لم تستطعه دول تم تخريب أنظمتها ولا زلنا نعيش مسلسل التفكيك المستمر لمؤسسات الدولة فيها، من تونس إلى اليمن، ومن ليبيا إلى سوريا فمصر… ما تبقى لنا من 20 فبراير هو حكمة ملك كما تجسد في الخطاب التاريخي لـ9 مارس ودستور المغاربة لعام 2011، والإجراءات المتوالية التي حمت المغرب من الدخول في منطقة الزوابع.
    ما تبقى للمغاربة من حركة 20 فبراير، هو ما ينفعهم في تاريخهم وجغرافيتهم، وفي معيشهم اليومي، في استقرار المملكة بحكم حماة مؤسساتها والتفاف مجتمع حيوي حول ملَكيّته، وذكاء المغاربة بما كان يُخطط في الخفاء وإحباطهم لكل مناورات إدخال المغرب في دائرة اللاتحكم والانهيار التدريجي للدولة، ما تبقى لنا من 20 فبراير هو هذا التلاحم التاريخي بين الملك والشعب والقوى الحية في البلاد لمواصلة مشاريع الإصلاح والتنمية في ظل الاستمرارية، استمرارية قيم مغربنا، في اعتزازنا بتامغربيت الصخرة التي تحطمت عليها كل المناورات والمؤامرات وجعلت المغرب يخرج من كل معارك الداخل والخارج أكثر قوة في كل المجالات من السياسة إلى الاقتصاد ومن الثقافة والفن إلى الرياضة..
    لكن ما تبقى للبعض من 20 فبراير هو جثة هامدة ينفخون فيها من أجل أن يعيدوا إليها الحياة، ما تبقى لمشّائي يوم الأحد هو أوهام الركوب على حمار أعرج وحمل سيف خشبي مثل دون كيشوت لمصارعة طواحين الهواء، ما تبقى لمن يريد أن يجعل عالي هذه البلاد يتساوى مع سافلها، اعتقادا منهم بأنه إذا ما قامت الثورة وانهارت الدولة سوف يحكمون حتى ولو على فوهات البراكين وصفائح الزلزال من صغار السياسة الذين كان ينعتهم لينين باليسار الطفولي الذي لم يشب عن الطوق برغم بلوغ زعمائه من العمر عتيا وقد وهن العظم منهم والفكر أيضا، وكذلك ممن لازال يؤمن بتحقيق رؤيا حسبها الشيخ الراحل أنها آتية لا ريب فيها، فمات رحمه الله، وحتى بعد أكثر من عقد من الزمن، لم يبد له ولأهله وتابعيه ما يدل عليها…
    ما تبقى لنا هو هذا الذي ربحناه، استقرار بلد، قوة مؤسسات دولة، تبصُّر ملك انتصر بذكاء للتاريخ، وشعب ملتف حول دولته، وما تبقى لهم هو اليباب والأوهام، ممن لا زال يعتقد أن حركة ووريت التراب ستنبعث من جديد لقربلة المغرب، ويريدون أن يطفئوا نور الله بهذا البلد والله متم عليه نوره حتى لو كره الكارهون ومن خلا من قلبهم حبُّ الوطن.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    البرلمان: صراع داخل الفرق بسبب صرف الميزانية دون إخبار البرلمانيين