خيبات ماكرون بعد وضع بيضه في محضنة فاسدة

خيبات ماكرون بعد وضع بيضه في محضنة فاسدة

A- A+
  • حين ارتمت فرنسا في حضن الجزائر لضمان تدفئة أضلاعها في الزمن البارد مع أزمة الغاز، بدأ الدبلوماسيون الفرنسيون يتحدثون عن تغيير المعشوقة، في إشارة إلى تغيير ماكرون وجهة فرنسا من المغرب إلى الجزائر.. برغم الصيغة الاستعلائية للعبارة المجازية المحملة بحنين استعماري التي تحيل على تصريح سابق لأحد الدبلوماسيين الفرنسيين، فإن ما انفجر مؤخرا بين باريس والجزائر، يدل على أن هناك شيءٌ ما فاسد في “الكيدورسي”.
    انتهج ماكرون سياسة اللعب على الحبلين، باستغلاله تناقضات المنطقة المغاربية والصراع المغربي الجزائري أساسا، من أجل كسب ود جنرالات الجزائر التي سحب عنها أمس فقط صفة الأمة واعتبرها خليقة فرنسية كما لو أنها إحدى مقاطعات باريس، فقام بزيارة دولة إلى الجزائر على رأس وفد كبير، وقدم تصريحات الطمأنة للشعب الجزائري، وبعدها تعززت الزيارات المتبادلة، حيث تم استقبال شنقريحة الحاكم الفعلي بالجزائر من طرف ساكن الشانزيليزيه.. وبدا كما لو أن باريس ماكرون وجزائر تبون تعيشان لحظة عسل غير مسبوقة في التاريخ.
    في المقابل ظلت سلوكات الدولة الفرنسية العميقة تدفع نحو خلق منطقة ضبابية في علاقتها مع المغرب، يشهد على ذلك غياب تبادل الزيارات بين باريس والرباط وأزمة التأشيرات التي تضرر منها المغاربة أكثر، بالإضافة إلى اللعب في الخلفية بعرائس الدمى ضد مصالح المملكة، برلمان أوروبي وإعلام ومنظمات أجنبية، مرة تحت يافطة “بيغاسوس”، وأخرى تحت ذريعة الملف الحقوقي وفبركة قضية “ماروك غيت”… وبرغم الخطابات البلاستيكية للمسؤولين الفرنسيين حول قوة ومتانة العلاقات الفرنسية المغربية، فإن الواقع كان يشهد على عكس ذلك، وحدهم عقلاء فرنسا كانوا ينبهون ماكرون إلى خطورة سياسته التي عمقت عزلة فرنسا وأبعدت شريكا موثوقا به من حجم المغرب.
    سياسة ماكرون وضعت كل بيض فرنسا في محضنة فاسدة لكابرانات الجزائر، فما كاد العاشقان – باستعمال ذات المجاز الاستعماري الفرنسي- يتمان شهر عسلهما، حتى قدمت فرنسا أكبر طعنة للشعب الجزائري، بتهريب مواطنة جزائرية في اتجاه تونس ثم في اتجاه السفارة الفرنسية في باريس، المواطنة الجزائرية لم تقم بجرم كبير خارج حقها في التعبير السلمي عن انتقادها لحكام قصر المرادية والجنرالات الماسكين بخناق الشعب الجزائري، لكن شكل تهريب المواطنة الجزائرية كان طعنة مسمومة من الدولة الاستعمارية التي مرغت وجه الجزائر المستقلة في التراب، والآن وقد عمد العسكر إلى استدعاء السفير الجزائري بباريس قصد التشاور، ننتظر الخطوة القادمة، ما الذي سيقدر كابرانات الجزائر على القيام به لمسح العار الذي ألحقته المخابرات الفرنسية بالجزائر وبسمعة الجيش الحاكم؟ إن اعتقال أم أميرة بوراوي وأختها يعتبر عارا، لأن لا أحد يؤخذ بجريرة الآخر، ولا تزر وازرة وزر أخرى، لكن حذاقة النظام لا يبديها العسكر سوى في وجه الشعب، أما اتجاه فرنسا التي أهانت الجزائر المستقلة فذلك ما لا تستطيعه الطغمة الحاكمة.
    لم تتجاوز علاقات “الصداقة” بين فرنسا والجزائر أسابيع قليلة، إذ ما أن عطست السماء بناشطة حقوقية حتى أصيبت هذه العلاقة “المتينة” بالزكام وهزت الرجة العلاقات الفرنسية الجزائرية التي تأكد أنها أوهن من بيت العنكبوت. وهو ما يبرز أن الجزائر ليست شريكا موثوقا به، وأن المزاجية وسرعة التقلب والتصرف بالشيء ونقيضه هو ما يحكم سياسة الكابرانات، الأمر أصبح عقيدة، وما يبرز ذلك هو السلوك الذي قام به حكام الجزائر اتجاه المواطنين التونسيين بعد أن تم تسفير المواطنة الجزائرية من القنصلية الفرنسية إلى باريس.. حيث تم احتجاز أكثر من مائة سيارة تونسية ظل راكبوها محتجزين على الحدود الشرقية الجزائرية مع تونس، وهو ما شكل صفعة لقيس سعيد، ليعلم أنه يتعامل مع بلد لا ناظم يحكم سياسته الخارجية، حتى كما لو أنه هناك أكثر من طرف يصدر القرار في الجزائر التي لم تعد شريكا موثوقا به. فهل يعتبر ماكرون وحاشيته قبل فوات الأوان.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي