اختتام الدورة العاشرة.. التامك يشيد ببرنامج ‘مصالحة’ لسجناء السلفية الجهادية

اختتام الدورة العاشرة.. التامك يشيد ببرنامج ‘مصالحة’ لسجناء السلفية الجهادية

A- A+
  • أفاد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك بأن البرنامج التأهيلي “المصالحة”، “الذي أطلقته المندوبية العامة بمعية شركائها منذ ما يقارب خمس سنوات، هو برنامج فريد من نوعه على المستوى العالمي، إذ نال استحسان العديد من الشركاء الإقليميين والدوليين. ويندرج ضمن الاستراتيجية العامة التي وضعتها المملكة المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس بصفته أميراللمؤمنين، الخاصة بتدبير الحقل الديني والقائمة على التعاليم الإسلامية الحقة المبنية على الوسطية والاعتدال والانفتاح والتسامح ونبذ كل أشكال التطرف والعنف. وفي إطار هذه الاستراتيجية تبنت المندوبية العامة خطة جديدة في مجال التأهيل لإعادة الإدماج تقوم على تفريد البرامج والأنشطة التأهيلية، فخصت فئة النزلاء المدانين في إطار قضايا التطرف والإرهاب ببرامج خاصة على رأسها برنامج مصالحة.

    وأبرز التامك في كلمته الختامية، أن البرنامج يكرس المبدأ الذي قامت عليه تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في صيغة جديدة تتميز بكون مفهوم “المصالحة” الذي يقوم عليه البرنامج يجعله مبادرة صادرة عن النزلاء الذين تحمل المجتمع أضرارا مادية ومعنوية بسبب أفكارهم المتطرفة أو أعمالهم الإرهابية، فالاستفادة من البرنامج تقتضي من السجناء المعنيين إرادة واستعدادا لتصحيح مفاهيمهم وأفكاره

  • لقد مرت 05 سنوات على تنظيم أولى دورات برنامج “مصالحة” الذي سيشهد هذا اليوم اختتام دورته العاشرة، يوضح التامك، حيث وصل عدد المستفيدين منه239، وقد تم الإفراج عن 180 منهم، بينهم 137 بموجب عفو مولوي سامي، إضافة إلى تخفيض العقوبة لفائدة 18 نزيلا آخرين لتصل نسبة الاستفادة من العفو الملكي السامي 65%.

    وفي إطار مقاربة النوع تم توسيع برنامج مصالحة ليشمل النساء المعتقلات بموجب قانون مكافحة الإرهاب خلال دورته الخامسة المنظمة سنة 2019، حيث استفادت منه 10 نزيلات من أصل 13 من هذه الفئة، أي بنسبة مشاركة تجاوزت 77%.وقد تم الإفراج عن جميع المستفيدات من هذه الدورة الخاصة، 08 بعفو ملكي سام ونزيلتين بنهاية العقوبة خلال فترة تنفيذ البرنامج.

    ويتأسس برنامج “مصالحة” على أبعاد أساسية وهي: المصالحة مع الذات، والمصالحة مع المجتمع، والمصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته بالفرد وبالمؤسسات الشرعية المؤطرة للحياة العامة، وفق ما تمليه القوانين والمعايير الحقوقية والقانونية والأخلاقية.

    كما يتهيكل البرنامج التأهيلي الذي استنفذ غلافا زمنيا بلغ 175 ساعة وفق المحاور التالية:

    *المحور المتعلق بخطاب التطرف ونظرته إلى الذات والمجتمع والآخر. تهدف الأنشطة المدرجة في هذا المحور إلى تأهيلكم بشكل يمكنكم من التخلي عن التصورات الإقصائية وبناء تصورات بديلة، تنبني على الاختلاف والتسامح والانفتاح، واكتساب المعارف الضرورية لفهم النص الديني من داخل المرجعية الدينية للمملكة، القائمة على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية. وهذا ما عبرتم عنه خلال تفاعلاتكم مع السادة الأساتذة المؤطرين لأنشطة البرنامج أو من خلال تمارين المحاكاة التي قمتم بها.وقد تكلفت بهذا الشق الرابطـة المحمديــــة للعلمـــاء ممثلة في أمينها العام الأستاذ أحمد العبادي ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ممثلة في الأستاذ سعيد بيهي.

    *المحور الحقوقي والقانوني، الهدف منه هو تأهيلكم من خلال مساعدتكم على فهم واستيعاب الإطار القانوني المنظم لعلاقة الأفراد بالمجتمع وبالدولة، انطلاقا من جدلية الحقوق والواجبات، ومن مدخل المواطنة الإيجابية وقد تكلف بهذا الشق كل من:

    *المجلس الوطني لحقوق الإنســـــــان ممثلا في السيدة رئيسته والتي انتدبت محمد صبري من أجل تأطير الحصص الخاصة بهذا المحور؛

    *وزارة العـــــــدل ممثلة في هشام ملاطي مدير الشؤون الجنائية والعفو؛

    *المجلس الأعلى للسلطة القضائية ممثلا في محمد الخضراوي؛

    *النيابة العامــــــة ممثلة في حمزة الصاعد؛

    *المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ممثلة في عبد الواحد الأثير؛

    *عبد الرزاق روان خبير في حقوق الإنسان.

    المحور الثالث المتعلق بتأهيلكم النفسي، والهدف منه هو إكسابكم كفاءات معرفية وسلوكية لتحصين ذواتكم بما يمكّنكم من الفهم الصحيح لنمط اشتغال المجتمع واكتساب القدرة على التعايش مع مختلف مكوناته وفقا لمبدأ الحق في الاختلاف، بما يمكن من اندماج إيجابي وسلس في المجتمع.

    وقد تكلف بهذا المحور الخبير في علم النفس الإكلينيكي مصطفى الرزرازي، من خلال حصص جماعية ومجموعات الدعم وجلسات استماع فردية بالإضافة إلى تمارين محاكاة للخطابات المتطرفة وتفكيكها مع الاستماع إلى بعض شهادات ضحايا الإرهاب.

    المحور الأخير المرتبط بالبعد السوسيو- اقتصادي لإعادة الادماج.

    لقد تكلف بهذا الشق الخبير الاقتصادي حماد قصال ويهدف إلى إكسابكم المهارات والكفاءات الضرورية لاستغلال أنسب لما تتوفرون عليه من قدرات ومؤهلات من أجل بناء مشروع ذاتي أو مجتمعي لا يسعى فقط إلى تحقيق الاستقلالية السوسيو- اقتصادية، وإنما يرمي أيضا إلى تسخير القدرات الذاتية لخدمة المحيط الاجتماعي بما يحقق المصالحة مع المجتمع، مع العلم أن حصص هذا الشق تنتهي بصياغة النزلاء لبطائق مشاريع يتم توجيهها بعد اختتام الدورة إلى مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء التي تتكلف مشكورة في إطار الرعاية اللاحقة بدعم النزلاء المعنيين ومصاحبتهم في تنفيذها لتيسير اندماجهم في النسيج المجتمعي بعد الإفراج عنهم.

    ومن خلال اطلاعي اليومي على التقارير التفصيلية التي كنت أتوصل بها إلى حدود اليوم حول الأنشطة المبرمجة في هذه الدورة من البرنامج في مختلف المحاور المشكلة له، وبالأخص فيما يخص التمارين التجريبية والتقييمية، المتمثلة في إلقاء خطابات متطرفة، متبوعة بخطابات مضادة ذات طابع نقدي تفكيكي، تكونت لديّ قناعة بأن البرنامج حقق الأهداف المسطرة له، كما لامست في هذه التقارير تفاعلا مكثفا وجديا منكم مع كافة الأنشطة المبرمجة، وهذا يعتبر مؤشرا إضافيا على مدى نجاح هذه الدورة التي أعتبرها كذلك تجربة إيجابية تنضاف إلى تجارب الدورات السابقة،والتي ستشجعنا لا محالة على الاستمرار في برمجة دورات أخرى لفائدة نزلاء آخرين من نفس الفئة.

    لقد كان هناك بالموازاة مع الأنشطة التي كنتم تشاركون فيها، يضيف المندوب موجها كلامه للنزلاء، تقييم يومي مستمر لمدى انضباطكم والتزامكم بأنشطة البرنامج سواء داخل قاعات الدرس أو خارجها، كما تم الوقوف على مدى تفاعلكم وتجاوبكم مع مختلف أنشطة البرنامج، إضافة إلى تقييم مشاركتكم خلال جلسات تقييمية من طرف اللجنة العلمية والشركاء، فتبين بالملموس أنكم أبنتم عن إرادة قوية في الانخراط في مصالحة بناءة ستؤهلكم لاندماج إيجابي في المجتمع.ويظهر ذلك من خلال تخليكم الصادق عمّا كنتم تحملون من أفكار كانت لها أثار سلبية عليكم وعلى وسطكم العائلي وعلى المجتمع، ومن خلال اقتناعكم بقيم التسامح والاختلاف والانفتاح على الآخر والتشبث بثوابت الأمة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي