بوح الأحد: 20 فبراير ذكرى تيه مشاة الأحد، حقيقة مخطط إضعاف المنطقة العربية

بوح الأحد: 20 فبراير ذكرى تيه مشاة الأحد، حقيقة مخطط إضعاف المنطقة العربية

A- A+
  • بوح الأحد: 20 فبراير ذكرى تيه مشاة الأحد، حقيقة مخطط إضعاف المنطقة العربية و تقسيمها و دور الطوابرية و غيرهم لإستغلال الملف الإجتماعي لإحياء جثة، و أشياء أخرى

    أبو وائل الريفي

  • في مثل هذا اليوم من سنة 2011 كاد المغرب أن يدخل متاهة المجهول و اللٱستقرار، بوعي أو بدون وعي، بعض التنظيمات الهامشية في مخطط جهنمي لإعادة تقسيم المنطقة العربية وصناعة كيانات ضعيفة وصغيرة وتابعة. اندرج ذلك المخطط في إطار “الفوضى الخلاقة” الذي خططت له قوى دولية ورعته منظمات “غير حكومية” و”مراكز أبحاث ودراسات” وتولت تنفيذه قوى هامشية كانت تصنف نفسها في عداد “المعارضة الجذرية”.
    ولتكتمل الصورة ويحدث التجاوب الشعبي الذي يعطي زخما مقبولا لتلك الاحتجاجات تم الركوب على مجموعة من المطالب الاجتماعية و”أدلجتها” وتسييسها ولي عنقها لرفع شعارات الدخول إلى المجهول، وتم تقديم شباب إلى الواجهة وتوارى الكبار والشيوخ حيث ظلوا في موقع “القيادة من الخلف” الذي يفضلونه دائما لأنهم لا ينتعشون إلا في الظلام.
    نجحت تلك الخطة ابتداء في تونس في أقل من أسبوعين مما شجع على تعميمها، وزادت سرعة نجاحها في مصر في اعتمادها في جل ما يسمى بمنطقة “المينا” أي الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
    انتبهت الكثير من النظم العربية للخطة بعد سقوط نظامي بنعلي ومبارك فتمسكت بمقاومة الاحتجاجات، ولو بالإفراط في استعمال القوة ضد المتظاهرين، التي كانت تنسج على منوال ثورات أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية والتي رعاها حينها الأمريكان وأوربا واختاروا لها من الأسماء ألوانا كالأبيض والبرتقالي وأسماء زهور كالتوليب أو السوسن أو الزنبق أو الأقحوان، أو أسماء فصول كالربيع، وهو ما يعيد إلى الأذهان ذكريات مضت وكأن التاريخ يعيد نفسه. إنه تكرار لما سمي في السبعينيات بثورة القرنفل في البرتغال وبعدها عمت التجربة دول جنوب أوربا أو ربيع بيكين في الثمانينيات أو ربيع أوربا الشرقية في التسعينيات حيث تتهاوى الأنظمة كما تتهاوى أوراق الشجر في الخريف.
    أوصل إصرار أصحاب المخطط التقسيمي للمنطقة العربية والإصرار المضاد لبعض النظم العربية المنطقة إلى حمامات دم وحروب أهلية وانهيار دول وتقسيم أخرى وفتح الباب للتدخل الأجنبي حيث صارت هذه الدول ساحة حروب الكبار على ثروات ومصالح ومواقع نفوذ جديدة. ويمكن تأمل مصير سوريا وليبيا واليمن والسودان لفهم مآلات ما سمي حينها ربيعا والذي سرعان ما تحول إلى خريف مدمر.
    اكتشف الثوار الجدد بعد مدة وجيزة أنهم وقعوا في فخ كبير وأنهم ضحايا مخططات تفوق مداركهم وأنهم سلموا أوطانهم لفوضى “غير خلاقة” وقدموا دولهم لقوى لا يهمها الوطن ولا يسكنها هم “الدولة الوطنية” ولا مكان في تفكيرها ل”الدولة الأمة” فبدأت الانتكاسة الكبرى التي تعيشها اليوم تونس ومصر.
    لم يكن المغرب بمعزل عن هذا المخطط، وتعرض هو كذلك لنفس ما تعرضت له دول مجاورة. وهذه مناسبة أخرى للتذكير بوضعية الاستثناء التي عرفتها الجزائر حينها والتي لم يزل اللثام عن أسبابها الحقيقية حتى اليوم. لماذا استثنيت الجزائر من احتجاجات 2011؟ هل لأنها كانت ديمقراطية؟ أم لأنها حققت الرفاه لشعبها ولا حاجة له بمطالب الكرامة والحرية والعدالة؟ أم هناك أشياء أخرى لم يفصح عنها بعد؟ وما هي هذه الأشياء؟ وهل فعلا يكفي تفسير غياب الاحتجاجات بأنها عاشت ربيعها في التسعينيات؟ هذه أسئلة تحتاج تفكيرا وتحليلا ومعطيات للإجابة عنها بدقة.
    عراقة الملكية في المغرب واستيعابُها الاستباقي لخلفيات هذا المخطط واحترافية مؤسسات الدولة ومهنيتها كانت صمام أمان. كان تدبير الدولة ومؤسساتها متقدما جدا على مطالب الاحتجاجات، وكان عرض الدولة المهيأ مسبقا أقرب إلى الشعب من الشعارات الفارغة والصيحات المزعجة للمحتجين أصحاب الأجندات التائهة. لنتذكر خطاب التاسع من مارس حينها وما خلفه من ذهول وسط “مشاة الأحد”، ولنتذكر المد التراجعي لمسيراتهم التي صارت أقرب إلى حصة رياضية أسبوعية بعد انصراف فئات الشعب عنها وتفضيلها الإصلاح في ظل الاستقرار والاستمرار حفاظا على مكسب الدولة القوية والمجتمع المتضامن. انتبهت القوى المحركة للعبة “الربيع العربي” إلى مقاربة الملكية المختلفة كما انتبهت إلى التداعيات السلبية لما أرادوه ربيعا فاكتشفوا أنه خريف برياح عاتية لا تبقي ولا تذر وتأتي على الأخضر واليابس فصاروا يقتبسون من تجربة المغرب ويتعاملون معه كنموذج للتعميم.
    اكتشف محركو الربيع العربي أن خاصية النظم التي سقطت هي أنها حديثة عهد بالحكم ولا دراية لها بشعوبها ودخلت أحيانا في مواجهة مع شعوبها، كما اكتشفوا أن النظم العريقة مثل الملكيات العربية ظلت بمنأى عن تلك التداعيات السلبية وظلت محصنة من خيار التخريب والانفصال رغم الاحتجاجات التي شهدتها والتي ظل سقفها دون طموح محركيها ومنفذي أجندتها.
    لم يجرؤ حراك 20 فبراير في المغرب على رفع شعارات إسقاط النظام لأنه كان يعي أنه مطلب غير واقعي وغير جذاب ولا إجماع عليه ويمكن أن يكون سبب فض الاحتجاجات. استوعب الكل حينها الدرس الذي كانوا يجهلونه. الملكية خط أحمر لأنها ضامن استمرار الدولة ورمز وحدتها وصمام أمان المجتمع والملجأ للجميع في ساعة العسرة. لم تنجح مطالب الحراك في جر المغاربة للشارع، ولم تسقط قوات الأمن في فخ الاستفزازات المتكررة لبعض المحتجين بل كانت تعبد الطريق لهم لاستعراض عضلاتهم التي اكتشف المغاربة أنها كانت فقط “دوباج” بمفعول سريع ومؤقت لم يصمد طويلا. تآكل الحراك مع مرور الوقت وتفجر من داخله بعد بروز الخلافات والتناقضات الذاتية والأطماع الحزبية بين مكوناته الذين حسبهم من راهن عليهم جميعا ولكنه اكتشف أن قلوبهم شتى.
    أظهرت تلك اللحظة قوة الدولة المغربية وصلابتها وصواب استراتيجيتها وقوة توقعاتها الاستشرافية. نتذكر حينها حالة السعار التي أصابت الانفصاليين حينها ووصلت إلى ارتكاب جرائم وحشية في مخيم اكديم إيزيك سنة 2010، ونتذكر كيف تم توظيف ورقة أميناتو حيدر في نفس السنة لصناعة حملة حقوقية ضد المغرب.
    لقد تم لعب الورقة الانفصالية لقضية الصحراء المغربية بعد فشل كل مخططات تقسيم المغرب لغويا وإثنيا ودينيا كما كان الشأن في دول أخرى استعملت الورقة الطائفية لإضعافها وتقسيمها. استوعب الكل أن الملكية جامعة للمغاربة بصفتها الدينية والتاريخية فبحثوا عن ورقة أخرى. ظنوا حسب زعمهم أن النزعة الانفصالية وتحريك “بوليساريو الداخل” يفي بالغرض فاكتشفوا العكس لأن التدبير الاستباقي لجلالة الملك نزع فتيل النزاع ومبرراته بمبادرة الحكم الذاتي قبل سنوات وبمقترح الجهوية الموسعة. لذلك لم يكن بريئا تصدر عناوين صحف كثيرة يوم 20 فبراير خبر وفاة 5 مواطنين في الريف لصب الزيت على النار في منطقة ذات حساسية تاريخية. الحمد لله أن ذلك التدبير الجهنمي لم يجد الشرارة للاشتعال بفضل تدبير مسبق حكيم لجلالة الملك توج بزيارة تاريخية للمنطقة وخطاب أجدير. ألم أقل لكم في أكثر من بوح أن الملكية مكسب للمغاربة وتدبيرها الاستباقي الوقائي يقي المغرب الكثير من العثرات؟
    اليوم، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمن، نرى الحقائق التي كانت مخفية عن بعضنا أو كان البعض يتجاهلها متعمدا بالعين المجردة. ما هو حال كل تلك الدول التي سُوِّقت حينها كنماذج؟ كيف تراجع محركو الربيع العربي عن مخططاتهم لما اكتشفوا أنها لم تقد إلى الحكم إلا تيارات عدمية ماضوية أضاعت الاستقرار وأدخلت المنطقة في صراعات فارغة؟ ألم يكتشف بعض الثوار أنهم تعرضوا لخديعة كبرى وكانوا مجرد بيادق وكومبارس لمسرحية كان البطل فيها أعداءهم وخصومهم السياسيين والإيديولوجيين؟
    فتح خطاب التاسع من مارس ورش تعديل الدستور وانطلقت المشاورات الموسعة وأفضت إلى دستور متقدم أطر استحقاقات انتخابية عديدة ونظم عمل أكثر من حكومة وما يزال صامدا إلى اليوم. وبالمقابل، فشلت دساتير دول الربيع العربي في تأمين انتقال سلس للسلطة فكان مصيرها الإلغاء أو التعطيل أو التعديل تلو التعديل. اكتشفت شعوب تلك الدول أن دساتيرها كانت متخلفة وصنعت على مقاس أصحاب المصالح ولم تراع حاجيات الشعوب. هل نحتاج إلى التذكير بتعطيل دستور مصر سنة 2014 وتغيير الإعلانات الدستورية قبل ذلك أكثر من مرة بعد 2011 وخاصة تلك الإعلانات التي أصدرها مرسي لتحصين قراراته؟ وهل نحتاج إلى التذكير بالانتكاسة التي تعيشها تونس اليوم وهي تعرف تجميع كل السلط في يد واحدة؟
    نُظم في المغرب أكثر من استحقاق انتخابي تميزت كلها بالنزاهة ولم يتحقق في المغرب تداول على السلطة إلا بصناديق الاقتراع كما شهد بذلك المنتظم الدولي كله. لم يستجب المغرب للضغوطات السياسية والإعلامية وغيرهما لاستئصال الإسلام السياسي من الحكم لأنهم أتوا بصناديق الاقتراع ولا يمكن أن يرحلوا إلا بإرادة شعبية. ماذا حصل اليوم؟
    لقد اكتشف الجميع صواب مقاربة المغرب لملف الإسلام السياسي، كما اكتشفوا من قبل نجاعة مقاربة المغرب لملف الإرهاب التي ابتعدت عن سياسة الاستئصال وتبنت مقاربة شاملة استباقية وقائية.
    أكاد أصاب بخيبة أمل في هذه النخب التي تحاول كل سنة إحياء ذكرى 20 فبراير لأنها لم تستوعب هذا الدرس، وما تزال أسيرة أدوات تقليدية في الاحتجاج، وتتمسك بإحياء جثة متناسية أن إحياء الموتى ضرب من المستحيل. سياسة المشي في الشوارع نهاية الأسبوع قد تكون مفيدة للصحة ولكن الأفيد أن تنظم في أماكن صالحة للرياضة، وعلى أصحابها الوعي بأنها لم تعد جذابة للمغاربة، وسياسة التسكع في الطرقات لم تقد العدل والإحسان إلا إلى فقدان حصيصها وخسارة أعضائها الذين “ساءت أخلاقهم” كما هو مثبت عند تنظيم الجماعة بالأدلة والأمثلة وقد كان ضحية هذه الأخطاء أبناء وبنات قياديين مما جعل شيخ الجماعة يتخذ حينها قراره الانفرادي بالانسحاب من الحركة حماية لمريديه الذين تاهت بهم السبل فأصبحوا لا يتميزون عن الرفاق إلا بالفولار وشكل اللحية. والحرص على تجميع فرقاء متناقضين في هذه الاحتجاجات هو عامل إفشال لها قبل انطلاقها ويكفي الرفاق درسا ما حدث سنة 2011 حين كانت الوقفات مناسبة لاستعراض عضلات العدل والإحسان عليهم وفضح ضعفهم وقلة أعدادهم بعد انسحابها المفاجئ والغامض.
    استخدم في مخطط 2011 سلاح المطالب الاجتماعية، واليوم يتجدد استعمال السلاح نفسه بإحياء حملات مخدومة لإثارة الملفات الاجتماعية والركوب على موجة الغلاء التي هي نتاج لأسباب موضوعية غير متحكم فيها عالميا وتضخيمها والمزايدة على الدولة بشعبوية مفضوحة. ينشط أعضاء الجماعة في التدوين على هاشتاغ “أخنوش ارحل” ويتبعهم في ذلك الرفاق الثوريون جدا الذين صاروا لهم حطبا، وتجتهد الجبهة الاجتماعية للإكثار من نقط الاحتجاج وطنيا ولو بدون أعداد للتهويل والتضخيم وهو نفس السيناريو الذي جرب وفشل أكثر من مرة منذ عقد من الزمن. يتناسى “التقدميون” صمت الجماعة عن الحكومة السابقة وتبريراتها الباهتة والفارغة بأنها لا تواجه حكومة ولكنها تتوجه إلى نظام الحكم. لماذا لم تبق الجماعة منسجمة مع نفسها إذن؟ هل يقدم لنا الحلفاء الموضوعيون للجماعة جوابا مقنعا؟ لا هَمَّ هذه الأيام لحسن ولد محمد بن الجيلالي إلا غلاء الأسعار وهو الذي يعيش “بيليكي” بأموال فقراء الجماعة. الأولى لأمثال هذا أن يتعفف عن أكل أموال المريدين بالباطل ويبحث له عن عمل حلال “يحلل” به رزقه. وأمثال بناجح في الجماعة كثر وهي مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن توضح للرأي العام ولمريديها قبل ذلك مواردها وطرق صرفها في ظل تزايد مطالبة الأعضاء بفتح هذا الصندوق الأسود والإفصاح عن خباياه. أصبحت اللعبة مكشوفة ومعروفةٌ خطواتُها مسبقا. تتبنى تنسيقيات، لا وزن لها ميدانيا، مطالب اجتماعية وترفع سقفها وتتعلل بعدم التجاوب لتنتقل بها إلى مطالب سياسية محضة. جر الشعب عن طريق مطالب سياسية مغلفة بطابع اجتماعي خيار فاشل، والشعب أدار ظهره لهذه الطريقة بعدما خبر حقيقة أصحابها ومآلها في دول أخرى.. وبعد فشل جر الانتباه يتم اللجوء إلى الخطوة الثانية وهي استفزاز السلطات و”التبوحيط” بالقمع والاعتداء وقمع الحقوق والحريات ليسلموا المشعل للطابور الآخر.
    يحرص الطوابرية على استغلال ورقة حقوق الإنسان وإثارتها ضد المغرب في كل لحظة وكأن انتهاكها سياسة ممنهجة أو كأن المغرب يرتكب خروقات جسيمة، ويوظف في ذلك وسائل إعلام ومنظمات دولية لا هم لها إلا المغرب الذي حقق تقدما مشهودا في المصادقة على الاتفاقيات والتفاعل مع الآليات الدولية عكس دول أخرى يغض الطرف عن انتهاكاتها وتجاهلها لهذه الآليات. في عرف الطوابرية كل شيء يجوز للتهويل من وضعية حقوق الإنسان في المغرب لأن الهدف هو تصويره كأنه “جهنم”، ولذلك فكل طوابري تعرض لمتابعة قانونية وقضائية عليه لعب ورقة “الاستهداف السياسي” وإظهار سيفي “نهج السيرة” المعارض الشرس. مأساة هؤلاء أنهم بلا تاريخ معارض وبلا شرف معارضة. وهذا ما جعل مغمورة مثل دنيا الفيلالي تبحث عما تقوي به صفتها لتبدو معارضة فتلجأ إلى الانتقائية والتعسف والتطرف اللفظي وتبني إسقاط النظام والتهليل به ونشر شعارات معزولة تعود ل 2011. تحاول الهاربة من القضاء المغربي نفي تهمة العلاقة مع الجزائر عنها بأي ثمن فتسقط في التناقض. هل يمكن لها أن تذكرنا بعدد المقالات التي نشرتها عنها الصحافة الجزائرية خلال سنة 2022 فقط؟ الحقيقة أنها فاقت الثلاثين!! وهل يمكن أن تكذب أن المحامية التي تكلفت بملف طلبها اللجوء في فرنسا جزائرية؟
    زكريا النصاب يدافع عن المرابط وهذا الأخير يدافع عن دنيا وهي تبرئ زيان ناقلة عبارات التضامن من محبرة رضى الغليظ الذي تسبب في “تغراق الشقف” لبوعشرين، وهذا الأخير ملازم لظل الماتي منجيب الذي له حواريون، مثل بناجح والحماموشي، يحركهم بإشارات منه مثل المتحكم في التلكومند. وحين تضيق بهم السبل يطلبون خدمة وسائل إعلام ومنظمات أجنبية رهن الإشارة وفي الخدمة ويلجأون لورقة “الحريك”/ التهجير السري لكل مناضل احترقت أوراقه ومعروف من يسدي هذه الخدمات طبعا، بل معروفة حتى الوجهات المفضلة مؤقتا في انتظار ملف لدى دولة أوربية أو أمريكية. تواترت الحالات حتى صارت الخطة معروفة بدءا بالمنصوري ووهيبة وعبد الصمد وعفاف واستيتو والعقبى لصبي آخر ينتظر دوره على أحر من جمر وهو من الآن يسخن صفحته بالتدوينات. الطوابرية مجموعة مغلقة ضاقت عليها السبل وصارت تتخبط وترتكب الأخطاء لأنها لم تعد قادرة على المواجهة الشريفة بالقانون. زيان المتصابي والوزير والمحامي صار يسمع سؤال القاضي ويعيه جيدا ولكنه يفضل الإجابة خارج الموضوع والحديث في كل شيء إلا في صلب الموضوع. وحين يخرج من قاعة المحكمة يتنمر ويبحث عن الميكرو للعب دور البطولة وتفريغ حقده ومكبوتاته حتى صار كل إعلامي مهني يتحاشى أخذ تصريح منه لأنه يعلم جيدا أنه لن يجيبه عن أي سؤال مرتبط بموضوع المتابعة وقد يورطه مجانا في متابعة قضائية. كنت قد قلت في أكثر من بوح بأن زيان بلغ أرذل العمر “شرف وتلف” ومن يريد به خيرا عليه نصحه بقضاء ما تبقى من أيامه في خلوة يمسك فيها فمه و”شي حاجة أخرى” لعله ينجو من سوء خاتمة تبدو واضحة لكل من يتابع تصريحاته وتصرفاته هذه الأيام.
    بعد ورقة التسييس المفرط للمطالب الاجتماعية، وورقة افتعال الانتهاكات الحقوقية، يلجأ أعداء المغرب إلى الورقة الانفصالية. حاولوا منذ سنوات وصف احتجاجات الحسيمة بتسمية ملغومة “حراك الريف” و جر مطالبه إلى النزعة الإنفصالية، وحاولوا تحريك ما سموه “بوليساريو الداخل” فكانت النتيجة عكسية بسبب المكتسب الدستوري الذي دستر الجهوية المتقدمة. مرت الانتخابات الأخيرة وقد شهدت نجاحا في الأقاليم الجنوبية بشهادة دولية، وحول المغرب ذلك السلاح إلى قوة إيجابية كسب من خلالها دعما دوليا لمقترح الحكم الذاتي توج بفتح عشرات القنصليات وبالاعتراف الأمريكي وبقرارات مجلس الأمن التي أصابت الجزائر بالحمى والجبهة الانفصالية بالسعار فأعلنت الحرب من جانب واحد.
    أستغل هذا البوح بهذه المناسبة لإبراز الدور الخبيث الذي يلعبه نظام العسكر في الجارة الجزائر وانخراطه في هذا المخطط التخريبي للمنطقة. يساند هذا النظام خطوات قيس سعيد ويباركها، ويقطع العلاقات من جانب واحد مع المغرب ويفتعل صراعا مع سكان الحدود مع المغرب قبل ذلك، ويجمد اتحاد المغرب العربي الذي مرت ذكراه 33 بشكل بارد يشبه برودة محاولات إحيائه، وينفق من أموال الجزائريين على تسليح جبهة صارت أشبه بالسرطان في هذه المنطقة، ويجتهد لإضعاف كل خطوات المغرب لأنه يرى نجاحات المغرب فضحا لفشله. أليست هذه الخطوات انخراط في مخطط التقسيم والإضعاف والتجزئة الذي يحاك للمنطقة؟
    ومقابل ذلك لم يقتصر المغرب على التصدي للمخططات التخريبية للخريف العربي، بل نجح في تحويلها إلى فرصة للريادة وتعزيز وجوده القاري والإقليمي والدولي دعما للتكتلات وضدا على سياسة التجزئة. استعاد المغرب مقعده في الاتحاد الإفريقي بموازاة مع حضوره وتمدده القاري، وظل البعد العربي والإسلامي حاضرا في علاقاته على هذا المستوى وقد كان حاضرا في قمة الخليج التي لم تفعل توصياتها كاملة للأسف، وربح المغرب رهان العلاقة الندية والمتكافئة مع دول وتكتلات كبرى مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا والاتحاد الأوربي ولم يسمح لأي كان المس بسيادته والإضرار بمصالحه والحد من استقلالية قراره.
    هذا هو المغرب الشامخ الذي استوعب حقيقة مخطط التجزئة فلم يسقط في فخه، واستوعب خلفيات الطابور الخامس الذي انتدب نفسه لتنفيذ بنوده فأحسن التعامل معه ولم يستدرج للعب معه في ميدانه مفضلا مواجهته بالقانون والقضاء.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية