بوح الأحد: الطوابرية يفقدون أعصابهم ويسقطون في الحضيض، وكم يحتاج العدالة ..

بوح الأحد: الطوابرية يفقدون أعصابهم ويسقطون في الحضيض، وكم يحتاج العدالة ..

A- A+
  • بوح الأحد: الطوابرية يفقدون أعصابهم ويسقطون في الحضيض، وكم يحتاج العدالة والتنمية من سنة لينبعث من الرماد الذي أوصله إليه العثماني وبنكيران وغيرهم من الحزب قبل الغرباء، حكومة أيلول من الأحزاب الكبرى على الأبواب وأشياء أخرى

    أبو وائل الريفي
    ما إن أعلنت نتائج الانتخابات وبدأت تتوالى الإشادة الدولية بالمغرب، من دول ومنظمات حكومية وغير حكومية، الذي استطاع إنجاح استحقاقات انتخابية ثلاثة في يوم واحد وفي ظرفية وبائية وبإمكانيات ذاتية، وحقق خلالها نسبة مشاركة قياسية مقارنة مع جل الانتخابات التي نظمت في دول خلال جائحة كورونا، وانتصر فيها للمنطق الديمقراطي بعيدا عن أي تدخل. أقول ما إن أعلنت النتائج حتى أصاب السعار بعض وجهاء الطوابرية الذين خاب ظنهم وسقطت تنبؤاتهم وخسروا رهانهم وأضاعوا حليفا موضوعيا كانوا يحتمون به. اكتشف الطوابرية حقيقة أنهم تجاوزهم الركب أو على حد قول الرئيس اليمني السابق “فاتهم القطار”. وعوض أن يدخلوا مثل غيرهم من المنهزمين في مراجعات موضوعية فضلوا الهروب إلى الأمام بسرعة قياسية والدخول في حالة إنكار مفضوحة تفتقر للأدلة المادية، وهو ما جعلهم يلفظون سقط الكلام “الشياطة ديال التحليل والكلام” في صفحاتهم التي أصبحت المنفذ الوحيد لهم أمام عالمهم الصغير بعدما تخلت عن خدماتهم كل وسائل الإعلام التي صارت ترى أن ما يقدمونه من تصريحات هو أقرب إلى تقيؤ أو استفراغ السموم منه إلى التحليل.
    فؤاد عبد المومني الشيخ الذي يتصابى يوما بعد آخر ولا يجد راحته إلا عند زوجات وبنات المناضلين اليساريين، والذي صارت بأخباره في هذا الصدد الركبان، و بالمناسبة يتساءل أبو وائل لماذا لم تتضامن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مع هذا الشيخ المتصابي و هي التي تصدر بيانات التضامن بمناسبة و بدون مناسبة حتى و لو جرت في “إِيدَاوْڭْنِيضِيفْ” المنسية لكنها لم تتضامن مع فؤاد رغم أن خاله هو زوج النافذة في الجمعية خديجة الرياضي، أبو وائل يتساءل فقط رغم أنه يعرف الجواب و حقيقة الأمور التي يحتفظ بها لنفسه، ولم يعد خافيا على أحد تباهي فؤاد عبد المومني على الرفاق بمنزلته الليبرالية التي تجعل الرفيقات الناشئات يلجأن إليه كملاذ للعمل أو النشاط في الجمعيات. فؤاد الغارق حتى النخاع في الريع والمستفيد من أموال المغرب الأخضر لإصلاح ضيعته في سيدي بطاش رغم أنه لا يتوانى عن انتقاد هذا المخطط وانتقاد أخنوش وكان الأولى به أن يحرم على نفسه أموال مخطط يرى أنه فاشل وريعي و… ألا يشعر بالسكيزوفرينيا وهو يأكل الغلة ويسب صاحبها والمشروع؟ فؤاد الذي يدعي الدفاع عن البروليتاريا والضعفاء والفئات المحرومة هو من اغتنى على ظهرهم من خلال شركات القروض الصغرى التي كانت تمتص دماء المساكين بالفوائد، وهو كان يشغل منصبا كبيرا داخل إحدى هذه الشركات وراكم من عمله ثروة جعلته اليوم إقطاعيا. أليست هذه سكيزوفرينيا؟ فؤاد عبد المومني الذي يحير المرء في تصنيفه لأنه يضع رجلا مع الإسلاميين وأخرى مع اليسار وثالثة مع الليبراليين. هو صاحب الخطاب اليساري والسلوك الليبرالي والقريب من الإسلاميين. كل هذه الخلطة جائزة لنيل رضى المنظمات إياها التي يحرص على الاستفادة من حمايتها وتمويلاتها ورضاها. فؤاد عبد المومني صار بقدرة قادر ثوريا ويتشارك تحليلات أفتاتي ويحذر من الانفجار القادم ويستعين بأدوات الكوزينة في ذلك لأنه ألف خلوة البيت فضاقت عليه الدنيا بما رحبت فأصبح لا يرى العالم إلا بمنظار ما تجود به عليه مواقع التواصل الاجتماعي. فؤاد المعزول عن العالم لا يرى أن مغربا آخر تشكل منذ سنين لأن “جْلَالَة البصر والبصيرة” حجبت عنه الرؤية ولأنه ما يزال يحن إلى تحليلات ثورة الكمون التي لم يتحقق منها شيء.
    وكعادته، ولطي شعور الإحباط بعد الهزيمة المنكرة التي مني بها، لم يجد غير ملف اليسار للمواساة فأصبح للأسف منظرا يتحدث عن اليسار وتوحيده. وبئس اليسار إن أصبح إقطاعيا غارقا في الريع يضع له خارطة طريق العودة لزمن العز. اليسار قيم وأخلاق قبل أن يكون جعجعة كلام وخطابا منمقا بمصطلحات كبيرة. أول خطوة أن تعتذر يا فؤاد لرفاقك على ما سببته من مآسي لأسر منهم، وفي مقدمتهم الريسوني الذي شردت أسرته وارتضيت لنفسك مواقعة زوجته مرات وهي في عصمته، وثاني خطوة أمامك هي إرجاع أموال المغرب الأخضر لأصحابها حتى يمكنك انتقاد هذا المخطط، وثالث خطوة أن تعتذر للمغاربة الضعفاء الذين كنت سببا في قروض صغرى امتصت عرقهم مقابل اغتنائك أنت ومن معك منها. هل تستطيع ذلك؟ هذا تحدي أمامك والأيام بيننا. وإن بدا لك خطأ في هذا الكلام ننتظر ردك.
    الطوابري الثاني الذي أصابه السعار كذلك هو المعيطي منجب. والسعار بالمناسبة هو داء الكلب وسببه التهاب حاد في الدماغ ويصيب الحيوانات وينتقل إلى الإنسان. المعطي الذي سطا بدون وجه حق وقانون على أموال موجهة لجمعيات وتصرف فيها بشكل شخصي فقد صوابه بسرعة وصار يستبيح كل شيء حتى الكذب والكاريكاتير الساقط. المعطي يعيش حالة بطالة ويراكم الفشل تلو الفشل ولم يعد مطلوبا كما كان لأن الكل فهم حقيقته بعد اطلاعه على حجم الثروة التي راكمها من أموال المانحين وبعد اطلاعه على التبريرات غير المقنعة التي قدمها عنها. المعطي المهزوز والمهزوم صار يكذب ويزور الحقائق فيتحدث عن معتقل سابق توفي بأنه انتحر ودون الإشارة إلى أنه كان معتقلا سابقا. صار المعطي يتبنى تحليلات دون كيشوتية ليؤكد حقيقة في خياله حول الانتخابات ليفند نزاهتها والنسبة المرتفعة للمشاركين فيها ويتوعد الدولة المغربية بالثورة القادمة.
    نعرف أن المعطي فقد كل شيء بعد هزيمة العدالة والتنمية، وفقد بشكل خاص عطف الجهات الدولية التي تستثمر في الإسلام السياسي وتفتح له أبواب الكتابة والتحليل البئيس. لذلك كان عاديا بعد أن فقد البزولة وصار إلى الفطام أقرب أن يستعمل كل الوسائل للتعبير عن حالة الضرر التي يعيشها. لم يعد للمعطي وفؤاد ما يتحدثان عنه وسحبت هذه الانتخابات بنسبة المشاركة فيها البساط منهم ليتحدثوا باسم الشعب. سيجهد هؤلاء وغيرهم أنفسهم للبحث عن أدلة يؤكدون بها قناعة صنعتها خيالاتهم المريضة وهي أن الانتخابات مزورة. أمامكم مناضلي العدالة والتنمية والاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار الديمقراطي وكان عندهم مراقبون وعندهم محاضر المكاتب ويمكنكم الاستماع لشهاداتهم وبياناتهم فإن وجدتم أدلة على التزوير أو التلاعب يمكنكم حينها نشرها وإلا فإنه التحليل انطلاقا من الحقد على نجاحات المغرب.
    لم “تضرب النفس” المعطي على سائقين مغربيين لقيا حتفهما غدرا من طرف عصابات مجهولة في الأراضي المالية، ولم يستحق الحدث من مدعي الحديث عن الشعب ومآسيه تدوينة قصيرة للترحم عليهما. أتعرفون السبب؟ إنه واضح وضوح الشمس، فهو يعرف أن أصابع الاتهام يمكن أن تطال ربيبته الجزائر ونظامها العسكري الذي تتقوى الاتهامات ضده يوما بعد آخر، وخاصة بعد أن أفادت الوكالة الأمريكية Lammzy بأن منفذي الهجوم عبروا الجزائر في السابع من شتنبر بواسطة مركبتين تابعتين لوكالة الأمم المتحدة لتجنب نقاط التفتيش الجوية لطائرات “الدرون” المغربية. إن هذا التلاقي الموضوعي الغريب يؤكد المجهودات التي تبذلها دوائر عديدة للتغطية على كل انتصار مغربي. يغيض نظام العسكر نجاح المغرب في تدبيره لجائحة كورونا، كما يغيضه حالة الاستقرار التي يعرفها، ويصيبه بالسعار توالي الانتصارات المغربية في ملف الصحراء وهو يرى أعداد القنصليات ترتفع في الصحراء، ويفقد طبعا صوابه وهو يرى بجواره المغرب ينظم انتخابات عادية ناجحة في ظرفية استثنائية. يعرف نظام العسكر الرسالة التي تصل إلى نشطاء الحراك الجزائري بعد هذا النجاح المغربي لأنه فشل في تنظيم انتخابات تحوز رضى كل الفرقاء في الجزائر. نتذكر أن انتخابات الجزائر التشريعية لم يتجاوز عدد المشاركين فيها الثلث، والانتخابات الرئاسية لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 39 في المائة، ونسبة المشاركين في الاستفتاء على الدستور لم تتجاوز 23 في المائة. ولذلك سخر حكام الجزائر كل وسائلهم للتشويش على المغرب من الداخل والخارج. وكم عجبت لأحد الزعماء الإخوان بالجزائر ضربته النفس على الإسلاميين فصار يقرع قيادة العادلة والتنمية ويقدم لها الدروس والمواعظ ونسي المسكين أن حمس هي أول من ارتمى في أحضان العسكر وباع إخوانه في جبهة الإنقاذ وشارك في حكومات العشرية السوداء بينما إخوانه في الفيس في المنافي في الصحراء. آخر من يقدم الدروس هو أمثال هؤلاء الذين “كردعهم” شنقريحة وتبون في الانتخابات الأخيرة واستغنى عن خدماتهم ودفعهم كرها إلى المعارضة بعدما ألفوا العطاء.
    لقد حذرت أكثر من مرة من حالة الفوضى التي يمكن أن تعم منطقة الصحراء والتي لن تكون إلا فرصة لعصابات الجريمة وتجار الممنوعات والحركات الإرهابية، ولن تتضرر منها إلا شعوب دول جنوب الصحراء التي ستحرم من تدفق المواد الغذائية مما قد يهدد، لا قدر الله، بمجاعة وحالة فوضى هي في غنى عنها. ولكن لا حياة لمن تنادي لأن هناك من لا ينتعش إلا في الفوضى ولا يصطاد إلا في المياه العكرة.
    هل يعي المعطي الأجندات التي يخدمها بخرجاته البئيسة هذه؟ هل يعرف حجم الخسارة التي يتكبدها من كل خرجة بهذه الشاكلة؟ هل استوعب جيدا الملاحظات والانتقادات التي تلقاها حول تدويناته البئيسة؟
    لا يشرف مناضلي العدالة والتنمية اصطفافهم مع أمثال هؤلاء الطوابرية لأنهم ببساطة طابور خامس يتقوى بالعدالة والتنمية فقط. ولذلك فعلى مناضلي الحزب الحذر من أجندات هؤلاء. لم يتعرض الحزب حتى الآن إلا لخسارة انتخابية كانت منتظرة والمطلوب منه فهم ما حدث واستخلاص دروسه وإعادة بناء الحزب لمواصلة عطائه والبقاء منسجما مع ذاته والتزاماته. وهذه مناسبة للتذكير بأن خطاب “طلع للجبل” والتهديد بالثورة القادمة والانفجار الوشيك وداكشي هو أقرب ل” الهلوسة” وغير مبني على منطق سليم، واللي بغا الثورة عليه أن يكون صريحا وشجاعا ويسلك طريقها ولا يختبئ وراء حزب مؤسس وفق قانون واضح يعطيه حقوقا ويلزمه بواجبات. والمغاربة أذكياء بما يكفي ليميزوا الخبيث من الطيب من القول، وسيواجهون بما يوفره لهم الدستور من آليات، كل من يعبث باستقرارهم. على مناضلي الحزب الحذر من التسخينات التي بدأت وسط متهوري الحزب لتهريبه إلى جهة أخرى.
    اللعبة الديمقراطية فيها دائما منتصر ومنهزم، وأول مقتضياتها الاعتراف بالهزيمة لأنها ليست نهاية التاريخ. ولا يسعني، كما غيري من المغاربة، إلا استغراب رفض قيادة العدالة والتنمية تهنئة الحزب الفائز على الملأ كما هي عادة كل الأحزاب في كل الانتخابات. هل نسي العثماني تهنئة الأصالة والمعاصرة له عام 2017 والاستجابة لدعوته رغم أن الحزب اختار مبكرا مقعد المعارضة؟ بمثل هذه الروح الرياضية نرسخ الأعراف الديمقراطية التي تقوي الديمقراطية داخل المغرب. للأسف، أخلف الحزب الموعد ولم يقتنص لحظة الهزيمة ليوضح أنه متمسك بالخيار الديمقراطي، كما يتضح أن آخرين لم يقتنصوها بدرجات متفاوتة.
    هي رسالة قدمتها قيادة الحزب قد يفهم منها عدم رضى بالنتائج، وكم ستكون هذه القيادة متجاوزة إن هي فكرت في الالتجاء إلى القاموس القديم/العتيق بالطعن السياسي في النتائج دون تقديم طعونات قانونية أمام القضاء المختص. الديمقراطية المشروطة مرض عضال لأن المشارك فيها يقبل بها بشرط واحد ووحيد هو فوزه وإلا فهي مغشوشة. أمام العدالة والتنمية فرصة لتأكيد أنه حزب ديمقراطي وهي الرضى بالنتائج والتعامل وفقها وسلوك المسالك القانونية للطعن أمام القضاء في ما يراه خروقات وتجاوزات.
    وكم ستكون القيادة متجاوزة إن هي فكرت في التراجع عن استقالتها وتفسيرها بأنها استقالة سياسية احتجاجية على نتائج الانتخابات. هذه وسائل قديمة ولجوء قيادة الحزب إليها مؤشر على عدم استيعابها لتصويت المغاربة الانتقامي من الحزب وطريقة تدبيره لشؤونهم طيلة عقد من الزمن.
    من يحاول فهم بعض خرجات الحزب لتبرير الهزيمة سيصاب بالإحباط واللخبطة لأنها تتعسف في إثبات أوهام لا تسندها التجارب الانتخابية السابقة في المغرب. في 2007 صوت المغاربة لحزب الاستقلال وعاقبوا الاتحاد الاشتراكي رغم أنهم كانوا حلفاء في نفس الحكومة ومكونين للكتلة الديمقراطية. وما حدث سنة 2021 ليس إلا صورة مكررة لنفس المنطق التصويتي. وعلى الحزب الانتباه إلى جوانب ضعفه فهو لم يدر حملة انتخابية بنفس الحماس المعهود فيه لأنه فقد كل عناصر قوته بالتدريج دون أن ينتبه إلى ذلك، وبالمقابل لم ينتبه إلى المجهود التواصلي والتعبوي الذي قام به خصومه السياسيين وحلفاءه الحكوميين طيلة ولاية انتخابية. هل يمكن للحزب أن ينكر فشله طيلة عقدين في بناء قوة إعلامية؟ هل يمكن للحزب أن ينفي أنه لم يحسن تدبير مداخيل قارة مهمة في بناء حزب قوي؟
    لن يغطي هذا “الطلوع للجبل” وسياسة الإنكار الأسباب الذاتية لهزيمة العدالة والتنمية، والتي يجب أن تنصب المراجعة عليها قبل كل شيء، إن كان الحزب يمتح من المرجعية الإسلامية لقوله عز وجل “أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا. قل هو من عند أنفسكم”. لقد فقد الحزب حاضنته الدعوية التوحيد والإصلاح، ودخل الانتخابات منقسما على نفسه على غير عادته، ودخل مرشحوه المنافسة في حالة فتور، وخسر كتلته الناخبة الصلبة بسبب سياساته وقرارته، وخفض نسبة ترشيحاته بحوالي النصف، ودفع ثمن ضعف قيادته التي أفرزها مؤتمره الأخير ومنها العثماني الذي اتضح أنه ضعيف ودون منصب أمين عام الحزب ورئيس الحكومة سواء أمام المغاربة أو أمام قواعد الحزب، وعمق بنكيران ضعفه بخرجاته المشوشة التي لم تخدم بنكيران ولم تخدم العثماني ولم تخدم الحزب، لكن بنكيران وصل اليوم إلى الحالة المثلى التي كان ينتظرها ليعود لقيادة الحزب ويملأ الدنيا صراخا خارج البرلمان، الحزب لم ينجح في تشكيل تحالفات صلبة ببراغماتيته التي خسر بها حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية، وصنع بشكل مجاني أعداء طيلة مدة ولايته الحكومية، ولم يحسن تدبير وجوده في الحكومة لأنه كان يضع رجلا فيها وأخرى في المعارضة. للأسف، كان الحزب يدبر الحكومة من الاثنين حتى الجمعة، ثم ينقلب على نفسه ليمارس المعارضة يومي السبت والأحد في التجمعات الحزبية. هذه الازدواجية ملها المغاربة فعاقبوا الحزب بهذا الشكل المزلزل. وهذه رسالة لكل الفاعلين الحزبيين للتحلي بالمصداقية واحترام الموقع الذي اختاروه بمحض إرادتهم.
    أمام الحزب فرصة لالتقاط أنفاسه، ومراجعة ذاته وخياراته، وأمامه الوقت الكافي لذلك، ولكن عليه الانتباه إلى أن لتصرفاته اليوم تبعات على مستقبله. لا يعقل أن ينتظر تعاملا جيدا من الأحزاب الأخرى وهو يرفض الاعتراف بنتائج الانتخابات والتعامل على أساسها ويسمح لأصوات من داخله بالتهديد بالثورة والويل والثبور للجميع. والأكيد أن مسلسل المراجعات سيطول ولن يكون الخروج منه سهلا وسريعا لأن الحزب أمام منعطف حاسم قد يشكل لحظة التأسيس الحقيقية لحزب ديمقراطي أو لحظة انقسام تفرز تيارات متجانسة تنظم في أكثر من حزب. ونصيحة من أبي وائل، إن كان يحق له ذلك، أن يفكر مناضلو الحزب بعقل مغربي في بيئة مغربية ولصالح ساكنة المغرب، ويتجنبوا الاستيراد الجاهز لوصفات مشرقية لأن الأمر يهم السياسة وليس وجبة فاست فود. وأقصد بالضبط من يصور نفسه أردوغان المغرب ويرى في القيادة القديمة أربكان. لقد تلقى الحزب ضربة قوية وهو محتاج لعشر سنوات على الأقل من أجل استعادة ثقة المغاربة مع كل ما يتطلب ذلك من واقعية سياسية ووضوح.
    الديمقراطية ثقافة قبل أن تكون آليات وصندوق اقتراع، ونجاح الديمقراطية يتطلب وجود ديمقراطيين، ونصف ديمقراطيين لن ينجحوا في إقامة ديمقراطية تامة. مرة أخرى يعطي الملك الدرس في تشبثه بالخيار الديمقراطي وينجح في احترام روح الدستور ويؤكد القراءة الصحيحة للفصل 47 من الدستور ويسارع في تعيين رئيس الحزب المتصدر للانتخابات رئيسا للحكومة دون الإنصات للأصوات التي تتوسع في شرح الاختيارات المتاحة أمام الملك في تعيين رئيس الحكومة. هذا التعيين يضاف إلى تدخلات الملك المتعددة للتنزيل والتأويل الديمقراطي للدستور دون الاكتراث بالأصوات المتعالية بخلفيات ضيقة لترشيح فلان أو إسقاط علان. يؤكد الملك أنه لا يخضع في قراراته لأهواء فاعلين فاشلين ويستحضر فقط مقتضيات الدستور ومخرجات العملية الانتخابية التي تجسد إرادة المغاربة ولا يلتفت للتصريحات الكيدية ضد هذا أو الدعائية لذلك. تنجح الملكية مرة أخرى في الوقوف على مسافة من كل الفرقاء والمرشحين منتصرة لدولة القانون. ولعل هذا ما يغيض الطوابرية أكثر لأن عقدتهم هي الملك والملكية، وهم في هذا يلتقون، موضوعيا على الأقل، مع نظام العسكر في الجزائر الذي لم يتخلص من عقدة الملكية بمشروعيتها الدينية والتاريخية والوطنية والديمقراطية ومكانتها دوليا. ولذلك يحاول المعيطي الذي جف قلمه و”حفا دماغه” لتقاسم تحليلات بئيسة ورسومات تنقص منه قبل غيره. أرا ما عندك أبا المعيطي من تحليل معقول وخليك من التقلاز آ الأستاذ ديال التاريخ.
    سينتحر اليسار الذي يضع يده في يد هؤلاء الطوابرية إن هو صدق تحليلاتهم ووعودهم، وسيجرونه إلى حتفه بسرعة قياسية إن هو تماهى مع أطروحاتهم. دقت ساعة الوضوح السياسي في المغرب وسط المعارضة ووضع اليسار مع العدالة والتنمية في كفة واحدة ينعش العدالة والتنمية لأنه يمكنها من مصداقية هي في أمس الحاجة إليها وبالمقابل يلطخ سمعة ما تبقى من اليسار.
    لن تقوم للديمقراطية قائمة بدون أغلبية ومعارضة، ودور المعارضة لا يقل أهمية عن دور الأغلبية. والدستور أعطى للمعارضة حقوقا ومكنها من أدوات حقيقية. لذلك لا يرى أبو وائل جدوى من هذا التسابق لكل الأحزاب على الوجود في الحكومة ولو على حساب نتائج الانتخابات واتجاهات الناخبين.
    مصلحة المغرب، ومصلحة الديمقراطية في المغرب تقتضي حكومة قوية مكونة من الأحزاب الكبرى وذات أغلبية مريحة ومعارضة قوية. ولهذا لن نستغرب غدا إذا وجدنا أغلبية الأحزاب في صفوف المعارضة وخاصة أننا في ظل جائحة لها تداعيات اقتصادية واجتماعية لن يكون الخروج منها بالسهل. لذلك يحسن برئاسة الحكومة المعينة الحرص على تشكيل حكومة منسجمة وقوية ومقلصة العدد ومتماسكة بأقل عدد من الأحزاب. ويترك المجال لتشكل معارضة قوية تمارس دورها الرقابي والاقتراحي من موقعها لما يخدم البلاد. من حسن الحظ أن المشاورات في مرحلتها الأولى، وبرامج الأحزاب وأولوياتها منشورة للعموم، والحزب المتصدر هو من يتحمل مسؤولية تبعات اختياراته بعد خمس سنوات. وعليه اختيار أغلبية تشتغل على أساس جعل برنامجه قاعدة التصريح الحكومي أمام البرلمان لتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
    ستكون ضربة أخرى للطوابرية مرحلة تشكيل الحكومة، وستتوالى الضربات عليهم لأن هذا الذي نعيشه اليوم هو مغرب الانتصارات. وليس أمامهم إلا العودة للبيت المغربي الكبير إن هم أرادوا أن يكونوا من المغاربة ومع المغاربة ووسط المغاربة. وإن لم يريدوا فلهذا البيت رب يحميه ورجال ونساء يحرسونه ويهتمون بمصيره ويفكرون آناء الليل وأطراف النهار في ما فيه خيره.حفظ الله المغرب ورجال ونساء الظل.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي