بوح الأحد : سر غياب ابراهيم غالي، الطوابرية ومعارك الأمعاء الفارغة..

بوح الأحد : سر غياب ابراهيم غالي، الطوابرية ومعارك الأمعاء الفارغة..

A- A+
  • بوح الأحد : سر غياب ابراهيم غالي، الطوابرية ومعارك الأمعاء الفارغة وحفاري القبور  وفضيحة الزفزافي الأب وعندما تكفر الجماعات العثماني وأشياء أخرى

    أبو وائل الريفي

  • غياب الأمين العام للبوليساريو عن الساحة منذ مدة كان مناسبة لإطلاق التكهنات حول سر غيابه، لكن تأكد الآن أن زعيم الانفصاليين مصاب بكوفيد 19 وأنه يخضع للعلاج في دار الضيافة بتندوف تحت رعاية طاقم طبي جزائري.
    إصابة الزعيم بالفيروس القاتل وتفشي الفيروس في المخيمات دفعتا وزير الصحة في تندوف إلى الانتقال على عجل إلى العاصمة الجزائرية من أجل عقد لقاء مع وزير الصحة الجزائري، وبعد انتظار أربعة أيام لم يجد ممثل الجبهة في الجزائر العاصمة بدا من اللجوء إلى المخابرات الجزائرية لكي تسهل استقبال مبعوث البوليساريو من أجل طلب الإغاثة لعقد دورات تكوينية لكيفية التعامل مع الجائحة في المخيمات غير أنه رجع خاوي الوفاض بعد أن تشبث غريق بغريق.
    لا يهم الجزائر في المخيمات إلا شخص واحد أرسلت من أجله طاقما طبيا للإشراف على استشفائه في عين المكان في انتظار نقله إلى المستشفى العسكري بالجزائر العاصمة، أما سكان المخيمات فقد تركوا لمصيرهم بعد تفشي الفيروس القاتل.
    كل وعود الجزائر التي تعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة تتبخر يوما بعد يوم، فباستثناء المساعدات العسكرية كل طلبات المساعدة التي تقدم بها مبعوثو البوليساريو تم رفضها، وآخرها استكمال مشروع كهربة تندوف الذي حمله وزير البيئة والطاقة الذي لم يستقبله هو الآخر نظيره الجزائري إلا بعد تدخل المخابرات الخارجية الجزائرية، ومع ذلك تم رفض طلبه لأن الوضعية الاقتصادية التي تعيشها الجزائر لا تسمح لها في الوقت الراهن بتحمل تكلفة استكمال كهربة مخيمات الانفصاليين في تندوف.
    الجزائر مشغولة هذه الأيام بحصار المغرب كما يظهر من خلال استقبال الرئيس الجزائري لوزير خارجية موريطانيا والذي انصب بالأساس على تحقيق مشروع بناء الطريق بين تندوف وزويرات الموريطانية كخط تجاري جزائري نحو إفريقيا عبر موريطانيا، كما تعمل الجزائر على تقوية تحالفها مع روسيا حيث تأكد أن الجزائر أعطت الموافقة من أجل إقامة قاعدة بحرية روسية في خليج وهران. وعلى هذا الأساس استقبلت وفدين عسكريين روسيين في الأشهر الأخيرة قاما بزيارة ميدانية إلى القاعدة البحرية الجزائرية في مرسى الكبير بوهران.
    روسيا التي تنطلق من حالة الضعف التي تعيشها الجزائر من أجل الحصول على تموقع استراتيجي في الضفة الجنوبية للمتوسط مقابل ضمان الحماية للجزائر والتكفل بصيانة الغواصات الجزائرية الستة، ورغم تكتم الجزائر على مشروع إنشاء قاعدة بحرية روسية في وهران، فإن هذا المشروع الذي بدأ التهييء له منذ ثلاثة أشهر لم يعد حبيس الدوائر المغلقة في العاصمة الجزائرية.
    لقد تأكد كذلك أن قرار تأجيل زيارة الوزير الأول الفرنسي للجزائر اتخده الرئيس الجزائري بعد أن أبلغته مصالحه أن الوفد الفرنسي لن يتجاوز وزيرين، مما جعله يقرر تأجيل الزيارة للضغط على باريس خصوصا بعد أن قرر حزب الرئيس ماكرون إقامة تمثيلية له في مدينة الداخلة للتواصل مع الجالية الفرنسية في الصحراء المغربية.
    لقد شكل شهر رمضان مناسبة لوضع وعود الحكومة الجزائرية على المحك، وكم كان صادما أن يرى الناس طوابير المواطنين الجزائريين من أجل الحصول على المواد الاستهلاكية الضرورية كالزيت والحليب، إنها الصور التي عرت الواقع الذي يعيشه إخواننا الجزائريون رغم الإمكانيات الضخمة التي تتمتع بها الجزائر والتي يتم تبذيرها من أجل تسليح البوليساريو وشراء الولاءات لها في المنتظم الدولي  لم تجد الجزائر في الساحة الفرنسية من يشوش على قرار حزب الرئيس ماكرون غير برلماني من بقايا الحزب الشيوعي الفرنسي كصوت نشاز للتساؤل حول من أعطى الضوء الأخضر لإنشاء تمثيلية لحزب ماكرون في الداخلة المغربية، في الوقت الذي يواصل فيه المغرب تأمين حدوده الجنوبية والشرقية بكل ثقة لمواجهة كل محاولة اختراق بالموازاة مع أوراشه التنموية لضمان العيش الكريم لشعبنا.
    وقد تأكد أهلنا بمناسبة الشهر الفضيل من وفرة المواد الغدائية الضرورية في السوق من منتوجنا المحلي، وليس سرا أن المغرب وخصوصا شركة كوزيمار تكلفت في رمضان الماضي بتوفير مادة السكر للسوق الجزائرية وله حتى الإمكانيات الإنتاجية لتغطية العجز في مادة الحليب لولا إصرار الحكومة الجزائرية على التنكر للوحدة المغاربية  واستمرارها في العداء للمغرب هذه الأيام وللتغطية على حراك الجزائريين التواقين للديمقراطية والمدافعين عن حق الجزائريين في استعادة سلطة الشعب، تواصل الصحف الجزائرية الموالية للنظام على الترويج لترهات المعطي الذي أصبح ضيفا دائما على المنابر الجزائرية لكي ينفث سمومه في مواجهة الدولة المغربية.
    فالمغرب لا ينتظر من الطوابرية أن ينتصروا يوما لقضايا المغرب لأنهم ٱختاروا منذ البداية دورا قذرا. اختاروا أن يلعبوا ضد المغرب وضد قضاياه الاستراتيجية، وكلما حقق المغرب انتصارات تجدهم في الواجهة من أجل التغطية على الإنتصارات، واليوم يلعب الطوابرية بملف حقوق الإنسان  وتصوير المغرب على أنه سجن كبير من خلال إضراب بعض المتابعين أمام محاكم المغرب عن الطعام، فالإضراب عن الطعام لا يعطي البراءة لأي كان، الإضراب عن الطعام هو قرار شخصي يتحمل مسؤوليته من اتخذ القرار بشأنه، أكان قرار المتابعين أنفسهم أم قرار المتحكمين في مصيرهم الذين يختارون لهم الوسائل والتوقيت ويمنونهم بالوعود الكاذبة لمصادرة حقوق الضحايا في العدالة أمام محاكم المغرب في ضرب لكل القيم الحقوقية.
    هذه الأيام تصور بعض الناس أن الإضراب عن الطعام مع حمل جنسية أجنبية يشكلان وسيلة من أجل تعطيل القانون، ويقدمون كدليل أن المعطي استفاذ من السراح المؤقت فقط لأنه خاض إضرابا عن الطعام، ولهذا أصبحت “خلطة المعطي” مطلوبة من بعض المتابعين على أمل الحصول على أشياء خارج القانون. يقول ناس زمان من المغاربة “عِيبْ البْحِيرَة تَفْتَاشْهَا”، وحده المنطق التجريبي يمكن الناس من الفرز بين الغث والسمين وآنذاك سيعرفون هل “خلطة المعطي” التي تزامنت مع استمرار قاضي التحقيق في ملفه بعد مرور أجل التسعين يوما واضطراره لرفع الاعتقال الاحتياطي أم الإضراب عن الطعام هو الذي مكنه من الإفراج المؤقت.
    والآن وقد بدأت الإضرابات عن الطعام، ما علينا إلا أن ننتظر أي منطق سيسود والأيام كفيلة بإعطاء الدروس الاستدراكية للذين لم يفهموا بعد طبيعة الأشياء، ويراهنون على حسابات حفاري القبور وتجار المآسي الذين لا يهمهم إلا حساباتهم وأرصدتهم وأجنداتهم.
    دعوة قيادات البوليساريو هذه الأيام إلى جعل يوم 26 ماي القادم يوما للإطاحة بالملكية في المغرب وتعبئة كل مقدوراتهم في الشبكة الإجتماعية للترويج ليوم 26 ماي، ذكرتني ببعض الذين توهموا منذ ثلاث سنوات أن النظام الملكي في المغرب، يلزمه فقط “تحريكة صغيرة” لينهار، والآن والسنوات مرت فمن انهار؟  النظام الملكي أم أوهامهم التي ٱنهارت وبيوتهم وكل مرتكزاتهم بعد أن هجرهم الشعب وقاطعتهم الجماهير وتنبهوا إلى أنهم من بعض النخبة المنقطعة عن الواقع وعن الشعب، واليوم يراهنون على الإضراب عن الطعام ومعركة الأمعاء الفارغة للتغطية على ما هو منسوب إليهم في انتظار استكمال محاكماتهم، الإعلان عن الإضراب عن الطعام ليس إلا خطوة تمهيدية لإعطاء المشروعية للمطالبة بإطلاق سراح المضربين عن الطعام خارج القانون.
    لم أجد أبلغ من بيان المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان الذي ذكر الجميع أن المطالبة برفع حالة اعتقال أي شخص متابع قضائيا بشكل عام يدخل في نطاق ممارسة كل الطعون المتاحة قانونا، بعد أن أوضح البيان أن قرار الاعتقال أو الإدانة أو التبرئة كما الإفراج أو إطلاق السراح يعد اختصاصا حصريا للقضاء وحده، ويضرب في العمق مساواة كل المواطنين أمام القانون.
    المثير للاستغراب في بيانات المطالبة بإطلاق السراح هو تغافل الأطراف الموقعة على البيانات لحقوق ضحايا الاعتداءات الجنسية والتشكيك الآلي في مصداقية الوقائع لمجرد أن المشتبه فيه يتمتع بصفة ما أو يمارس نشاطا بعينه، في وقت تتعالى الأصوات عبر العالم للمطالبة بعدم الإفلات من العقاب في حق مقترفي هذا النوع من الأفعال المجرمة قانونا والمدانة أخلاقيا وحقوقيا.
    المنظمات الحقوقية المعنية كان من المفروض، ولو من باب الحفاظ على الشكليات، أن تستمع للضحايا لا أن تقبر قضاياهم  كما حدث بعد لقاء إحدى الضحايا مع رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذي سارع بعد الاستماع إليها في مقر الجمعية الحقوقية إلى إرسال مبعوث على عجل لكي ينبه عمر الراضي قبل أن يتم الاستماع إليه من طرف ضباط الدرك الملكي، ونقل رواية الضحية بتفاصيلها إلى مغتصبها حتى يكون على بينة ويتدارك كل الأخطاء من أجل تقديم رواية أكثر تماسكا.
    وهذا بالفعل ما حصل، لقد انتصر السياسي على الحقوقي، انتصرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للقبيلة وللإيديولوجيا على حساب المبادئ والقيم، واليوم يتم تحريك أصوات من الخارج لكي تطالب بتعطيل القانون والمس بحرمة القضاء واستقلاله، وهي مطالب غير مقبولة في الديموقراطيات الغربية ومناهضة لثقافة حقوق الإنسان والقيم الحقوقية.
    لو استمعت هذه المنظمات إلى رواية الضحايا واختارت أن تناصر ابن القبيلة لأنه يحمل قبعة المعارضة السياسية لتم التعامل مع هذا المنطق من زاوية غير حقوقية.
    واهم من يتصور أن بيانا يطالب بتعطيل القانون والمس بحرمة قضاء المغرب واستقلاله انطلاقا من قراءة مبتورة لوقائع الملف سيجد آذانا صاغية في المغرب. لم يفهم بعد هؤلاء أن تجاهل هذا النوع البئيس من البيانات هو دفاع عن حرمة المؤسسات الوطنية وعن السيادة الوطنية.
    لقد ولى زمن الصفقات في الغرف الخلفية على حساب ذوي الحقوق، ولا يمكن تصور الإدانة أو البراءة إلا في إطار القضاء لأنه الضامن الوحيد لدولة الحق والقانون للجميع، ضحايا ومشتبه فيهم.
    متابعة أربعة أو خمسة أشخاص أمام محاكم المغرب لا يمكن أن يشكل عنوانا لمرحلة، مهما حاولت القراءات المتعسفة تغليط الرأي العام في الداخل والخارج حتى يتم اعتبار عدم متابعتهم عنوانا لانفراج سياسي مفترى عليه.
    لقد سبق لأبي وائل أن طرح من قبل فرضية اختراق الانفصاليين لأحداث الريف، يومها ارتفعت أصوات من كل الاتجاهات تنفي الأمر وتضفي براءة على مطالب المحتجين في الحسيمة، لكن شاءت الأقدار أن تكشف عزي أحمد أب ناصر الزفزافي بعد مشاركة زوجته منذ أيام في ندوة عن بعد حول الاعتقال.
    عزي أحمد الزفزافي وبعد لحظات نميمة في حق أم معتقل آخر، أسر لزوجته على المباشر أنه سوف ينقل لأهالي المعتقلين ما قاله له فريد أيت لحسن المعروف بتقطاست الذي لم ينكر يوما نواياه الانفصالية و دعمه للبوليساريو.
    يتذكر الجميع أيام محاكمة معتقلي الريف كيف أنكر ناصر الزفزافي معرفته  بٍتَقْطَاسْت، غير أنه اليوم يتأكد للجميع أن أموال الجمهوريين والانفصاليين بالخارج كانت تتقاطر على أب الزفزافي الذي حول قضية المعتقلين إلى أصل تجاري يتعيش به ويلعب ورقة توزيع المساعدات لكي يتحكم في أهالي المعتقلين ويفرض عليهم خطا معينا لإنجاح استراتيجية المواجهة والانفصال التي تم إجهاضها بعد إخماد الاحتجاجات.
    إنها الحقيقة التي طالما حاول الكثيرون التغاضي عنها، ولهذا فإن عزي أحمد الزفزافي سيواصل إجهاض كل المبادرات الساعية لطي ملف الريف خارج حسابات جمعية “تافرا” التي تشكل غطاء للانفصال و الإضرار بالوحدة الوطنية للمغرب.
    كل هذه التطورات تبين بجلاء أن المدخل لطي صفحة الريف هو وضع حد لوصاية عزي أحمد على الملف، لسبب بسيط هو أنه لم يكن سيد نفسه. أسياده في الخارج هم الذين يملون عليه أجندتهم.
    يتذكر الجميع كيف كان عزي أحمد وأفراد عائلة الزفزافي يسافرون كل أسبوع بالطائرة إلى البيضاء من أجل زيارة ابنهم، في الوقت الذي كانت باقي العائلات تسافر عبر الحافلات، ويتذكر الجميع أسفار عزي أحمد إلى الخارج وإقاماته لمدد طويلة رغم تكلفتها في الوقت الذي كانت تعاني باقي العائلات من صعوبة تدبير الضروريات لأبنائها في السجون.
    وفي الأخير وكما كان منتظرا، حظي قرار الإغلاق الليلي، وخاصة صلاة التراويح، باهتمام كبير بين المغاربة، فمنهم من استحسنه في صمت لأنه خطوة اجتهادية شجاعة تغلب حفظ الصحة والنفس في ظرفية وبائية تتزايد خطورتها حسب الأرقام المسجلة، ومنهم فئة لم يعجبها القرار ولكنها تفهمت دواعيه ومراميه متمنية تحسن الحالة الصحية العامة على أمل أن تفتح بيوت الله في العشر الأواخر. فما لا يدرك كله لا يترك جله. وهذه الفئة تعي جيدا أن تهور الكثيرين وعدم التزامهم بالتدابير الوقائية هو السبب. ولكن هذا القرار كشف لنا فئة ثالثة تعيش بيننا وتبحث دائما عن مصلحتها ولو كانت على حساب الدين وصحة المغاربة، ولذلك رأت في هذا الحادث فرصة ذهبية للظهور بمظهر المتدين وصاحب الغيرة على الدين وإظهار الدولة كمحارب للدين. هي أقلية ولكنها حاولت التغطية على حجمها فاشتغلت ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات التدوينات للنيل من إمارة المؤمنين والتحريض على السلطات ودفع الناس للعصيان وخرق حالة الطوارئ، ولم تتق الله في القاصرين الذين سخرتهم في مسيرات عشوائية مع ما يرافقها من تكسير للممتلكات الخاصة والعامة عرضتهم للمتابعة القانونية. هل هذا هو الدفاع عن الإسلام؟
    من حسنات هذا القرار أنه فضح الدواعش بيننا. وخاصة أولئك الذين يقدمون أنفسهم “معتدلين” و”وسطيين”، والذين ينتظرون أقرب فرصة لإظهار الوجه القبيح في تدينهم الغريب عن المغاربة، والذي لا هدف له إلا التكفير المبطن للسلطات والمجتمع كخطوة ممهدة للتكفير العلني مع ما يستتبعه من مفاصلة وعزلة وإعلان حرب واستحلال الدماء والأعراض. تدويناتُهم كشفتهم، وتحريضُهم فضحهم، وسوءُ نيتهم تعرت للجميع، وجهلهُم بالدين والعلم صار بينا للمغاربة، فهم يشككون في الأطباء واللجنة العلمية والسلطات وكل شيء. لا منطق عندهم يعلو على فهمهم للدين، حيث صار الكل مفتيا بهواه ومصالحه الضيقة المبنية على الأنانية والحقد. بل هناك منهم من بدت له الفرصة سانحة لتصفية حسابه القديم مع رئيس الحكومة بعد جلسته أمام البرلمان متناسيا أنه لعب بالنار وأن هناك مساحات كثيرة للاختلاف بعيدا عن اللعب بالنار بلعبة من هو الأكثر تدينا !!والغريب أن كل هؤلاء أمسكوا أفواههم وأقلامهم وحواسيبهم عن التعليق بعد قرار تركيا إغلاق المساجد في وجه صلاة التراويح. لماذا هذا الكيل بمكيالين؟
    حين يلاحظ أبو وائل هذا الفكر الداعشي المخيم على عقول هؤلاء، واستحلالهم كل الوسائل لخدمة مصالحهم يحمد الله على نعمة إمارة المؤمنين في بلدنا ويقظة حراس العقيدة الحقيقيين من حملة العلم والحريصين على الإسلام بسماحته ومقاصده وتغليبه لحفظ الناس والأبدان قبل كل شيء. فمن حسنات هذا القرار أنه بين للمغاربة الدور المركزي لإمارة المؤمنين التي تقف سدا منيعا ضد كل التيارات التكفيرية تفكيرا وقولا وممارسة، سواء الظاهرة منها أو الخفية. إنها مناسبة أخرى ليكتشف المغاربة أن إمارة المؤمنين ضمانة ضد التطرف والمغالاة، وأنها عاصم للمغاربة بفهمها السليم للإسلام وتطبيقها السليم لتعاليمه بعيدا عن التوظيف السياسوي والحزبي.
    لقد لاحظ الجميع أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لم تصدر أي بلاغ حول صلاة التراويح، وانضبطت لقرار اتخذته السلطات الحكومية المكلفة بحفظ النظام العام وفي مقدمتها الصحة العامة بناء على توصيات لجنة علمية تحملت مسؤوليتها في تقييم الموقف الذي كان أساس القرار الذي اتخذته السلطات الحكومية في إطار مهامها الاعتيادية منذ ظهور جائحة كورونا.
    غير أنه يعشش في عقل “التكفيريين الجدد” نظرية المؤامرة. فهم يتصورون الكل متآمرا على الإسلام، أطباء ووزراء وسلطات، ليرضوا خزعبلات لا توجد إلا في مخيلاتهم. ومستعدون لكل شيء، بما فيه الكذب وتزوير الحقائق والتدليس والخفة والنكت، ليظهروا صواب رأيهم. وها قد مر الأسبوع دون حدوث الفتنة التي أرادوها، ولم يقع التجييش الذي تمنوه وعملوا من أجله، فهل سيتمادون في هذه الخطة الفاشلة عنادا أم يرجعون إلى جادة الصواب لفهم قرار الإغلاق في سياقه الحقيقي وبخلفيته الحقيقية. فليس من مصلحة الدولة منع المغاربة من ممارسة حقهم في التعبد بنافلة التراويح إلا لحماية مقصد أسمى للدين. إنه حفظ النفس.
    إن إغلاق المساجد هو في العمق قرار لا علاقة له بتدبير الشأن الديني، بل هو قرار إداري من السلطات الحكومية المكلفة بحفظ الصحة العامة، غير أن البعض لم يجد غير المراهقين للدفع بهم إلى الشارع العام في قضية لا يملكون فيها حق التقرير  أو الإفتاء. مجموعة من الصبية بدون كمامات ولا تباعد ولا يحزنون. يطوفون بالشوارع بعد منع التجول من أجل المطالبة بفتح المساجد لصلاة التراويح.
    تتعدد الجبهات والمغرب واحد، تتعدد التحديات والمغرب واحد في ظل تقاطع المصالح والأهداف بين فرقاء عدة من أجل تركيع المغرب، لكن هيهات أن يكون لهم ذلك لأن المغرب قوي برجاله ونسائه وشعبه الذي علمته الشدائد أن يميز بين الانتماء والانتصار للبلد وبين اللعب على الشعارات من أجل الإضرار بالبلد.
    حفظ الله المغرب وإلى بوح آخر على أمل أن تتحسن الحالة الوبائية بشكل يسمح بالعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أجواء حارة نسبيا ونزول قطرات مطرية متفرقة فوق الأطلس الكبير وسفوحه الشرقية