تجربة قاسية لكن غنية.. فتحية لجنود الظل في ”المشعل” و”شوف تيفي”

تجربة قاسية لكن غنية.. فتحية لجنود الظل في ”المشعل” و”شوف تيفي”

A- A+
  • مررنا من تجربة صعبة قفز فيها الحق في الحياة وحفظ الصحة العمومية إلى سُلَّم الأولويات لدى الدولة كما لدى المواطن في ظل التهديد المستمر الذي شكله فيروس كوفيد 19، على البشرية جمعاء، وأدرنا كمغاربة – بالتحام كبير بين الدولة والشعب بقيادة الملك – المعركة بنجاح متميز، وفي قلب هذه التجربة، ونحن نقترب من خطوط عودة المغاربة إلى استئناف حياتهم الطبيعية، نستخلص العبرة ونستعرض التجارب الغنية، واسمحوا لي أن أتحدث عن التجربة الأقرب إلي، أقصد “المشعل” و”شوف تيفي”.
    في أسبوعية “المشعل” ومنذ إعلان تدابير الوقاية الصحية، انخرطنا بروح الواجب الوطني، في الاحتجاب عن الطبع والصدور بشكل ورقي لمدة ثلاثة أشهر، لكننا ظللنا نصدر بشكل منتظم في صيغة “بي دي إف”، أي أن عملنا ظل قائما وبشكل مجاني في ظل غياب الإشهار وعدم البيع، لأن المرحلة فرضت علينا السمو لأن هناك مغاربة فقراء يعانون الهشاشة والتهميش وانقطع رزقهم بالمرة، فلم نستجد الدعم من الدولة ولم نشتك من عمق الأزمة التي ضربت الطبعة الورقية لـ”المشعل”، التي ظل صحافيوها يقومون بواجبهم على أحسن وجه بحثا عن المعلومة وتحليل الوقائع بمهنية عالية، وحرصنا على الوصول إلى قرائنا الأوفياء في الموعد المحدد للصدور، ورغم كل الظروف لم نستجد أحدا كما فعل البعض ممن بدأ يقترح المطالبة بتعويض الدولة للضرر الذي تسببت فيه جائحة كورونا، رغم أنهم مقاولات صحافية مدعومة بشكل كبير منذ زمن بعيد، لأن أخلاقنا لم تكن تسمح لنا بالتزاحم على طلب الدعم والتعويض وهناك فئات اجتماعية أكثر حاجة إلى قفة الدعم بعد أن حرمتها الجائحة من مصدر قوتها اليومي.. طيلة ثلاثة أشهر أنجزنا عملا جبارا، تحقيقات، حوارات، مقالات تحليلية.. وجرينا وراء الأخبار لحملها طرية إلى قرائنا، في ظل ظروف صعبة وقاسية، ولكن بالتأكيد كان لنا نفس الاستمرار في التنفس والعيش رغم كل أشكال الأزمة التي حلت بنا، وقمنا بواجب التضحية والتضامن في زمن الجائحة، كل ذلك يعود فيه الفضل، إلى طاقم شاب في التحرير والقسم التقني والإداري، أوجه لهم كل الشكر على ما بذلوه وحافظوا على جذوة هذا “المشعل” مضيئا ومنيرا، وشكرا أيضا لقرائنا الأوفياء الذين ظلوا يترقبون كل عدد رغم انغلاق السوق والأكشاك، وكانت تصلهم حيث هم عبر الديجيتال..
    وفي “شوف تيفي” القناة الإلكترونية الأولى بالمغرب التي حظيت بإجماع أغلبية المغاربة وثقتهم، كانت الصعوبات أكبر، كنا في قلب الحدث على مدار 24 ساعة، فرق تشتغل بالليل وأخرى بالنهار في كافة أنحاء المغرب، تنقل بالصورة والصوت الوقائع والأحداث وقريبا من المواطنين، ولأننا لم نختر الجري وراء بعض رجال السلطة في فتوحاتهم في الدروب والأزقة، فقد ظلت أطقمنا الصحافية تتعرض لمضايقات عديدة من طرف بعضهم، فقط لأن خطنا التحريري الذي اعتمدناه دستورا لنا كان يقتضي القرب من المواطنين والإنصات لقضاياهم ومشاكلهم ونقلها لمشاهدينا بأمانة، وأيضا لأننا كنا نقوم بدور مراقبة كيفية تطبيق رجال السلطة للقانون وفق أحكامه المنصوص عليها ضد أي تجاوز يمس بكرامة المواطنين وحقوقهم.. وهو ما كان يغضب بعضهم، الذين كانوا يحجزون كاميرات وميكروفونات التصوير ويكسرونها أو الصحافيين ذاتهم من “شوف تيفي” ويعنفونهم، في الوقت الذي يسمحون فيه لبعض المواقع الأخرى بالحرية التامة، لأنهم غير مزعجين (طبعا تبقى كل هاته المشاكل معزولة ولا علاقة لها بمجهودات وزارة الداخلية الكبيرة في ضبط الأمور قانونيا على الميدان…).
    ورغم كل الوسائل الوقائية التي اتخذناها وفقا لإجراءات السلامة والوقاية الصحية، فقد ظل صحافيونا في قلب الخطر، قرب المصابين بالفيروس القاتل، أو في قلب المستشفيات التي تضم مرضى كورونا المستجد، كل ذلك لتظل “شوف تيفي” في الطليعة وفية لزوارها ومشاهديها.. وزاد الأمر حدة في شهر رمضان حين فرض على الإعلام الإلكتروني حظر التنقل الليلي والتماس الترخيص للقيام بمهامنا الصحافية، وهو شيء غريب لم يكن مفروضا حتى في أشد الحروب العسكرية حيث يتواجد الصحافيون، رغم كل تهديدات الموت، وحاضرون لنقل أجواء المعارك لقرائهم ومشاهديهم، لكن الجميل الذي أثلج صدرنا وشد من عضدنا، هو كرم زوارنا، فقد تطوع مواطنون في العديد من أقاليم المملكة، بتصوير وقائع وأحداث عبر كاميرات هواتفهم المحمولة، وظلوا يمطرون بها هيئة التحرير، وهكذا حققنا السبق في العديد من الأحداث، ونقلنا العديد من المعطيات الحية بالصورة والصوت، وحافظت قناة “شوف تيفي” على ريادتها وارتفع عدد زوارها خلال فترة الحجر الصحي إلى أرقام قياسية داخل وخارج المغرب، بفضل مصداقيتها وثقتهم في خطها التحرير، فلكل من صنع هذا النجاح كل التقدير، كل جنود الظل من صحافيين ومصورين وإداريين وتقنيين ومواطنين وزوار وفاعلين من مختلف الاتجاهات وثقوا بنا.. هذا هو رأسمالنا الحقيقي في “شوف تيفي” و”المشعل”… دعواتكم لنا بالصبر والصمود.. “أما حسادنا فاللهم أكثرهم وضاعف عددهم..”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي