هذه ملامح مغرب ما بعد ”كورونا”

هذه ملامح مغرب ما بعد ”كورونا”

A- A+
  • أبان المغرب عن حنكة قوية في مواجهة جائحة “كورونا” المستجد، كل الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الدولة كان هدفها حماية الإنسان لا دوران المال والاقتصاد، إنه نموذج فريد في التدبير حاز على إجماع أفراد الأمة وقواها الحية وتناغم قوي من طرف كل أفراد الشعب المغربي، هذا ما شهدت به التقارير الدولية وكبار المحللين والفاعلين السياسيين في مختلف المواقع الدولية، من وراء هذه الإجراءات الاستباقية روحا وإبداعا وسهرا دائما.
    إنه الملك محمد السادس الذي أبان عن بعد رؤية وعن وضع مصلحة شعبه فوق أي مصلحة أخرى، لذلك سن تدابير ذات طابع استعجالي خففت من حجم الخسائر في الأرواح البشرية، برغم التكلفة الاقتصادية الباهظة لمثل هذه الخطوات، ولنتصور لو استمر فتح الحدود أمام الملاحة البحرية والجوية، وبقيت التظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، والمجالات التي يتم الاحتكاك فيها بين الناس بقوة، ولم يكن هناك لا إعلام ولا توعية ولا تحذير، لا قدر الله.. كان “غيكون الطايح كثر من النايض”…
    بحدس رجل الدولة الذي يحرص على مصالح أمة، أعطى تعليماته لجلب أبناء الجالية المغربية من مدينة “ووهان” بالصين مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية، وأمر بوضع خدمات الطب العسكري رهن إشارة المواطنين، وسارع إلى إنشاء صندوق للتضامن لمواجهة “كورونا” وأعطى المثال على التطوع الوطني لصالح الفئات الهشة والقطاعات المتضررة، أضف إلى ذلك تحويل العديد من القطاعات نحو صناعة الكمامات التي أصبح الطلب العالمي عليها متزايدا حتى أن المملكة أصبحت المصدر الثاني للكمامات وأجهزة التنفس الصناعي بعد الصين..
    كل هذا يضع مؤشرات واضحة لاستقراء ملامح مغرب ما بعد “كورونا” المستجد، وتتمثل في دولة قوية تتمتع بثقة مختلف الفعاليات الوطنية، وتلاحم وترابط غير مسبوق بين الملك والشعب، ومؤسسات تتمتع بالمصداقية، فما شهدناه خلال حالة الطوارئ أظهر للعالم أن المغرب دولة عريقة، وأن هناك مركز للقرارات التي تحظى بإجماع جميع المكونات ويدعمها الشعب الذي يرى أنها منقذ وصمام أمان في هذه المعركة ضد فيروس مدمر فشلت معه أقوى دول العالم، بتطورها الاقتصادي والعلمي وبنيتها التحتية في الصحة والتعليم.. “ما قطعناش الواد ونشفو رجلينا”، باقي الأصعب ينتظرنا في المستقبل القريب والبعيد، لكن لنا ثقة في أن المغرب سيكون قادرا على تجاوز هذه المحنة التي ضربت العالم في القدرة على امتصاص الأزمات والنجاعة في إيجاد مخرجات للتداعيات المالية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة “كورونا”، فالمغرب ليس بلدا لقيطا ولا طارئا على ساحة التاريخ والجغرافيا، والجوائح التي ضربت هذه الأمة كانت تقتل نصف المغاربة، وفي الساعة الواحدة كان يخطف “الطاعون” الذي ضرب المغرب في القرن 19، ما يقارب 800 شخص في مدينة واحدة، ونجت هذه الأمة بفضل رعاية الله وحسن تدبير السلاطين والملوك المغاربة لكافة الأوبئة والمجاعات والكوارث الطبيعية والحروب التي عرفها المغرب على امتداد تاريخه..
    من ملامح مغرب ما بعد “كورونا” أن هناك تلاحم اجتماعي وثقة في فعالية تدبير الدولة وجل مؤسساتها لمحاربة وباء “كورونا”، وهناك قيادة مركزية متمثلة في ملك غيور على مصالح شعبه، يبتكر الحلول والقرارات ويسهر على تتبع سير تنفيذها، وهناك أمة مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له باقي الأعضاء بالسهر والحمى، وهناك محاربون حقيقيون في كل المجالات من الصحة إلى الأمن بكافة أصنافه، المدني والعسكري، ونساء ورجال الوقاية المدنية والصيادلة والتعليم وعمال النظافة والشركات المواطنة وفعاليات المجتمع المدني.. كل هذه عوامل نجاح وسواعد تجعلنا نستبشر خيرا بالوجه الذي سيكون عليه المغرب ما بعد “كورونا”.
    مغرب الإقلاع الاقتصادي، والتضامن الاجتماعي وتوازن الوعي المواطناتي بين الحقوق والواجبات والمشاركة الجماعية لكافة مكونات المجتمع المغربي الذي نحلم أن يكون مستقرا متقدما.. و”سير علله” وتحية لكل من يساهم بلبنة في هذا البناء المتين لمغرب الغد.. ورحمة الله تسع كل شهداء الواجب الذين ضحوا في سبيل سلامة هذا الوطن الحبيب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث