الضرب المنظم

الضرب المنظم

A- A+
  • منذ مدة غير يسيرة، ونحن نتتبع عمليات متتالية لمحاولة ضرب مؤسسات الدولة، وتشويه السمعة وإبراز المغرب بوجه بشع غير الوجه الحقيقي، حتى ليبدو لنا أن هناك “كومبارس” نشيط يدير عميلة الهدم المقصود لأسس الدولة المغربية، وأن هناك تنسيقا موجها في الخارج أثناء عملية حرق العلم الوطني في تظاهرة بباريس لناطقين باسم دعم معتقلي أحداث الريف، تحت مسميات عديدة، وفي الداخل بتبخيس المؤسسات وتزكية وضع النفور منها والتشكيك في جدواها، لم يقف الأمر عند حدود الأحزاب السياسية والبرلمان والحكومة، بل امتد ليشمل مؤسسات قوية في البلد، مثل التشويه بالادعاءات الكاذبة كما حدث في فيديوهات أوضحت مديرية الأمن الوطني أنها ادعاءات كيدية، وأن صاحبها موضوع مذكرات بحث وطنية في قضايا تزوير وشيكات بدون رصيد بالملايين، أو ما صدر عن الرابور سيمو بلكناوي من مس صريح بشرف وسمعة نساء وأمهات رجال الأمن.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ رأينا تطاولا على المؤسسة الملكية في وقاحة غير مسبوقة.. ولم تكن يوما من أخلاق المغاربة حتى في عز اختلافهم في هذا الأمر أو ذاك مع مؤسسة رمزية تعتبر اللحمة التي توحد المغاربة على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وتعدد لغاتهم وثقافاتهم وأعراقهم…
    يبدو كما لو أننا نحمل معاول هدم ضخمة، ونضرب في جدران وسقف البيت الذي يأوينا عمدا لينهار علينا بما فيه، حالة من التيئيس العام يبدو كما لو أن هناك فريقا منظما ينسق ويوزع الأدوار بينه لإشاعة جو اللاثقة في الدولة ومؤسساتها، ينتشر بيننا زارعو الخيبات الذين يجتهدون ويبدعون في أساليب هدم هذا الوطن الذي يأوينا جميعا..
    نحن لا نقول إن المغرب أجمل بلد في العالم، ولا نرى أننا حققنا الديمقراطية وهناك عدل ومساواة واقتسام عادل للثروات، على العكس من ذلك، المغرب يخطو بشكل حثيث نحو الديمقراطية، ووجه البلد اليوم أفضل بكثير مما كان عليه، على المستوى الاقتصادي والتطور السياسي، وهناك استقرار وسلم اجتماعي يعتبر ربحا صافيا لنا كمغاربة، يجب أن نفتخر بذلك، ونعض عليه بالنواجذ ونطالب في ظل القانون وبالطرق السلمية والحضارية بالمزيد من الحقوق والحريات..
    لا أقصد هنا الحركات الاحتجاجية ذات المطالب الاجتماعية المعقولة، ولا الكتابات التي تنتقد العجز الحكومي الذي بشر المغاربة بوعود لم نراها على أرض الواقع خلال ولايتين، ولا تصريحات مواطنين غاضبين من سلوك السلطة أو الإدارة ويخرجون للشارع ويرفعون الشعارات السلمية ويعودون إلى منازلهم آمنين، ويحلمون بمغرب أكثر عدلا يرفع عنهم الحكرة والظلم… أبدا، فهذه الاحتجاجات والمطالب الحقيقية هي جزء من تَميُّز المغرب، حيث يوصل هؤلاء المظلومين أصواتهم لمن يصنع السياسات العمومية…
    ما قصدته بزارعي اليأس، هم من يحملون معاول الهدم المنظم للبيت الذي يضمنا جميعا، وينشرون الكذب بيننا، صورا وأخبارا ملفقة، وهم من وراء هذا التشويش المقصود الذي يسعى لتهييج العواطف بالكذب، شعارهم ما قاله وزير الدعاية السياسية النازي غوبلز الذي كان يردد قولته الشهيرة: “اكذب، اكذب حتى يصدقك الجمهور”، و”الكذبة إذا قيلت مرة واحدة تكون كذبة، وإذا ما تكررت كثيرا تصبح حقيقة”، فيما يشبه الحرب النفسية التي لا نار فيها ولا دماء ولا دخان… وإنما مجرد إشاعات وادعاءات كاذبة تحاول هدم أسس الدولة واستهداف المؤسسات القوية في البلد ليتسنى لها خلق حالة من القلق والاضطراب النفسي والتيئيس العام من قدرة المغاربة على تحقيق الديمقراطية والزهو بكونهم يشكلون استثناء في هذا المحيط المضطرب من حولهم..
    علينا أن نعي المخططات العميقة لمن يريد أن ينطق باسم الشعب ومطالبه، ومن يستعمل فؤوس الهدم لينهار علينا البيت الذي يضمنا كمغاربة، ومن سلم منا يبيت بعدها في العراء مثل لاجئ حرب، لكل هؤلاء أقول: اتقوا الله في وطنكم.. فالمغاربة أكبر من أن يُتلاعب بهم من طرف الحاقدين وزراع التيئيس، لأنهم يثقون في قدراتهم… نعم نستطيع أن نحمي هذا البلد ونطوره ونحقق الديمقراطية على أرضه دون زعزعة استقراره أو الضرب في مؤسساته.. وهذا هو النضال الحقيقي…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الداكي يوقع على مذكرة تفاهم بين رئاسة النيابة العامة بالمغرب ونظيرتها الروسية