قضية هاجر.. حين يغتال الكذب الحقيقة

قضية هاجر.. حين يغتال الكذب الحقيقة

A- A+
  •  

    طرحت قضية الصحافية هاجر الريسوني، أبعادا كبيرة في قضية صغيرة، وتبين قدرة العديدين على التحايل والكذب للخروج بالقضية من سياقها القانوني وإلباسها لبوسا سياسيا حسب كل فصيل وما يبتغيه.. هل كانت هاجر الريسوني حاملا وأسقطت جنينها أم لا؟ الجواب على هذا السؤال فيه روايتان متناقضتان:
    رواية هاجر الريسوني من خلال دفاعها أو من خلال ما ورد في المنبر الذي تشتغل فيه، والذي أعطاها أبعادا سياسية مقترنة بالانتقام وفبركة عملية الإجهاض ونفى أن تكون قد خضعت أبدا لأي عملية إجهاض.
    ثم هناك رواية الضابطة القضائية والنيابة العامة التي تؤكد وجود حمل، حددته في 8 أسابيع ووجود قرائن وتحاليل عينات الدم وخبرة تثبت وجود إجهاض والإدلاء ببيانات كاذبة من طرف الصحافية..
    المنطق يقول إن القضاء هو المخول له أن يثبت وجود حمل وإجهاض من عدمه في قضية هاجر الريسوني، فهناك نيابة عامة وهناك مسطرة قانونية ومرافعات لهيئة الدفاع ووجود قاض وصحافة تنقل مجريات الجلسات العلنية، وسنكون شهودا على معركة حامية الوطيس إلى حين صدور الحكم في هذه القضية..
    وإذا كانت قضية حرية المرأة في جسدها، ودعوة الحركات النسائية إلى حذف تجريم الإجهاض تبدو منطقية لأنها جزء من معركة الحريات الفردية في المغرب، ومن هنا الدعوة إلى إطلاق سراح هاجر الريسوني حتى مع التأكيد على إجرائها عملية إجهاض، لكن هذه معركة حقوقية قانونية طويلة النفس بين الحداثيين والمحافظين، لرفع قانون تجريم المرأة وتبريء الرجل في قضية الحمل والإجهاض، فإن العصي على الفهم هو تباري محافظين كانوا مع سن قوانين تجريم الإجهاض، إلى مدافعين عن هاجر الريسوني المتهمة في قضية إجهاض؟ هذا هو التناقض..
    وإلى حين تطوير القانون الجنائي في هذا الباب وتحريره من الفصول التي تجرم الإجهاض وملاءمته مع القوانين والمواثيق الدولية، فإن المعركة الآن ليست هي هاجر التي أجهضت ويجب أن يطلق سراحها، لأن الأمر يتعلق بالحرية الفردية، فهذه فوضى، وهناك قانون تقول فصوله بتجريم الإجهاض، ومن تم فالمعركة ستدور بين ادعاء النيابة العامة بوجود إجهاض وبين هاجر الريسوني ودفاعها حيث النفي..
    ممكن للمرء أن يكتشف وجود ثغرات كبيرة في رواية هاجر الريسوني ودفاعها، فهاجر تقول إنها لم تجهض ولم تكن حاملا.. ومحاميها مرة يقول ليس هناك إجهاض، ومرة يقول حتى ولو كان هناك إجهاض فإن المشرع في مسودة القانون الجنائي دعا إلى عدم تجريم الإجهاض؟ واحنا بغينا حقيقة نفهمو: واش هاجر تتقول الحقيقة: أنها لم تكن حاملا أبدا، ولم تجر عملية إجهاض، أو أن السلطة فقط اختلقت هذا الملف ولفقت لها تهمة يعاقب عليها القانون.. وآجيو نكونو واضحين: واش المغاربة بلداء إلى هاذ الدرجة اللي غيصدقو حكاية الشعور بنزيف حاد والذهاب إلى الطبيب ورجال الأمن طاردوها وظلوا يصورونها في الشارع العام وفي الأخير اعتقلوها بتهمة الإجهاض، كما لو أن الإجهاض «طرف ديال الحشيش» دارو بوليسي للمتهمة فالصاك، هذا راه حمل وإجهاض وهناك خبرة طبية ومختصون وخبرة مضادة.. والمغرب ماشي فجزيرة الوقواق معزول، راه اختار الشفافية وبالتالي فهو مراقب دوليا..
    ثم إذا لم يكن هناك حمل ولا إجهاض.. ما الداعي للحديث عن رفيقها السوداني وإخبار الشرطة بقراءة الفاتحة معه، في عصر المدونة هل لا زالت الطبقة الواعية من المجتمع تتزوج بالفاتحة؟ ألم يكن الأمر مرتبطا بمحاولة تحليل الحمل وإعطائه بعدا شرعيا؟
    ولماذا يقول محاميها أنها ليست حاملا، ولم تجر أي عملية إجهاض، وفي ذات الوقت يقول إن اتهام موكلته هاجر الريسوني بالإجهاض يسير ضد المشرع الذي لم يجرم الإجهاض في نص مسودة القانون الجنائي؟ وهل يتعامل القضاء ومنفذو القوانين ومشاريع القوانين بالمسودات ومقترحات القوانين أم بالقانون المصادق عليه؟ لو كان هناك فقط قليل من الذكاء، وبعيدا عن الفتنة ومحاولة الركوب على قضية عادية واعتراف بالخطأ، لبحثوا عن حل منطقي لتكون هاجر الآن فوق سرير بيتها بعيدا عن رعب الزنازين الباردة…
    على العموم أتمنى صادقا أن يجد هذا الملف حلا سريعا بعيدا عن المزايدات السياسوية وأن تنعم الشابة هاجر بالحرية في القريب العاجل…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي