الصحراء وروعة الإجماع الوطني

الصحراء وروعة الإجماع الوطني

A- A+
  • الحرب هي دوما منطق الضرورة، خارج حسابات الطغاة والمستبدين.. لا أحد منا يريد الحرب، والمغاربة بطبعهم مسالمون، وبينت الأحداث أنهم أكثر ميلا إلى السلم والاستقرار، حتى أنهم يبدون محافظين بالنسبة لشعوب أخرى.. لكن أجمل ما في الحرب، أنها توقظك على بعض الأشياء الصغيرة ذات القيمة الكبرى..

    ومن هذه الأشياء الجميلة التي اكتشفناها ونحن في عز التوتر بسبب الاستفزازات المسترسلة لجبهة بوليساريو، والتي نفذ صبر المغرب اتجاهها، هذا الحماس الوطني المنقطع النظير من مختلف جهات المملكة، وعلى اختلاف انتماءات المغاربة السياسية والثقافية والاجتماعية… اتجاه عدم المس بشبر واحد من الوحدة الترابية للمملكة، فما قاله عزيز أخنوش هو نفسه الذي قالته نبيلة منيب زعيمة اليسار الاشتراكي الموحد، وما ردده الزعيم الاتحادي إدريس لشكر هو نفسه موقف زعيم الحزب الإسلامي، وهو ذات الموقف المعبر عنه من طرف حزب الاستقلال.. كل مغربي يحس أن أي ذرة من التراب مسقية بدم مغاربة قدموا أرواحهم في سبيل الوطن، وها هم المغاربة مستعدون ليهبوا كل غال ونفيس من أجل الوحدة الترابية..

  • المغاربة، لن أقول عنهم فقط إنهم رجال، بل أيضا، أسخياء مع الوطن، قادرون على بدل كل شيء من أجل الدفاع عن حوزة التراب الوطني الذي تشكل الصحراء جزءا من وحدته، لقد توحد الإسلامي والعلماني، الاشتراكي والليبرالي، المحافظ والحداثي، الرجل والمرأة، العامل والفلاح، الموظف والمعطل، الشاب والشيخ، الحضري والقروي، العربي والأمازيغي، الريفي والصحراوي… في نغمة واحدة، الصحراء خط أحمر، الصبر نفذ..

    نسوا خلافاتهم وصراعاتهم السياسية والإيديولوجية وتكلموا لغة واحدة محملة بمشاعر وطنية صادقة، إن عظمة هذا الشعب أنه لم يمُن على وطنه كم أعطاه وكم اقتطع من أجره في سبيل وحدته الترابية التي دامت طويلا، ولم يعتبر مغربي واحد أن كلفة الصحراء باهظة ولا تستحق، بل على العكس من ذلك، فقد بينت الأزمة الحالية أن المغاربة بالفعل جسد واحد فيما يخص الدفاع عن حوزة الوطن…

    والأجمل هو مواقف أبناء الصحراء ذاتهم، من العائدين والوحدويين وعموم الصحراويين غير المنتفعين من أزمة الصحراء، ومن غير المسترزقين بتراب الأرض، الذين لم يخفوا رؤوسهم مثل نعامات في الرمل، بل جاهروا برفضهم استفزازات جبهة بوليساريو التي دقت طبول الحرب على المغرب بخرقها المسترسل لمسلسل وقف إطلاق النار…
    هذا الإجماع الوطني الذي يعتبر دينامية مميزة في المغرب، وهي إحدى نعم المملكة منذ عهد بعيد، تفجرت في أكثر من محطة، وهي التي جعلت المغرب يكسب حرب الصحراء وقبلها حرب التحرير والاستقلال، وبعدها حرب الديمقراطية والتنمية التي تشبه الجهاد الأكبر ذي النفس الطويل.. لقد كسبنا الحرب قبل أن تنطلق بفضل هذه الوحدة والإجماع التلقائي وغير القسري.

    برافو لكل المغاربة.. وطنيتهم لا يمكن أبدا أن يزايد فيها الواحد على الآخر. وهذه قوتنا…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي