عين العقل

عين العقل

A- A+
  • بعد موافقة لجنة من الأساتذة المتعاقدين، في اجتماع مع وزارة التربية الوطنية، على استئناف العمل مقابل الاستجابة إلى عدد من المطالب ومواصلة الحوار حول نقاط أخرى، أكدت “التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد” أن الاجتماع، الذي عقده المجلس الوطني للأساتذة مباشرة بعد انتهاء اللقاء مع الوزارة، وامتد إلى صباح الأحد الماضي، خلص إلى تعليق الإضراب إلى حين النظر في مخرجات اللقاء الثاني المزمع عقده يوم 23 أبريل الجاري.

    تعليق الإضراب كما أكد بيان التنسيقية جاء استحضارا لمصلحة التلاميذ والوطن والنفس الإيجابي الذي ساد جو الجلسة الأولى، وكذلك لإعطاء الوقت الكافي للوزارة الوصية لحسم الملف نهائيا.

  • لا يمكن لأي مغربي إلا أن يفتخر بهكذا نهاية للحوار والتفاهم بين الوزارة المعنية وتنسيقية الأساتذة المتعاقدين، هذه هي أخلاق المغاربة الكبار، التساكن والحوار، لقد عبر الأساتذة بشكل حضاري عن مطالبهم الاجتماعية، وتفهمت الوزارة المشاكل التي طرحها ملف أكثر من 70 ألف أستاذ متعاقد مع وزارة التربية الوطنية، وتدخلت النقابات وحكومة الشباب في تقريب وجهات النظر المتباعدة والتي كان يتم التعبير عنها بتشنج وبلهجة تصعيد من الطرفين، لكن لحظة الجد جلس الطرفان على مائدة الحوار الذي سادته أجواء إيجابية انتهت بتعليق الأساتذة لإضرابهم الذي عمر طويلا وقرروا العودة إلى أقسامهم، مع إعطاء الوقت الكافي للوزارة الوصية للحسم في الملف الشائك.. إنه عين العقل، من طرف الوزارة وتنسيقية الأساتذة المتعاقدين، مراعاة مصلحة التلاميذ وتجنب سنة بيضاء، ونحن على مقربة من الامتحانات النهائية للموسم الدراسي، لقد تم تغليب مصلحة أجيال المستقبل وحقهم في التحصيل الدراسي وفي التكوين والدراسة في أجواء سليمة.. ولا يوجد أحسن من الحوار بديلا عن روح الديمقراطية العالية لمعالجة كل المشاكل العالقة بروح المسؤولية.

    في الوجهة الأخرى تسير المركزيات النقابية الوازنة نحو التوقيع في الأسبوع المقبل مع الحكومة على اتفاق اجتماعي بعد وصول الأمناء العامين للنقابات ووزير الداخلية إلى التوافق حول تحسين الدخل، وقبول الاتحاد العام لمقاولات المغرب ونقابات أخرى بالزيادة في الحد الأدنى للأجور، على أساس مواصلة الحوار حول باقي القضايا في أفق التوصل إلى اتفاق اجتماعي ثلاثي الأطراف قبل فاتح ماي المقبل.. لقد فهمت الحكومة ضرورة تقديم شيء أساسي للنقابات التي أصبحت محرجة أمام قواعدها، خاصة مع ظروف عيد العمال الأممي، ولا يمكن للمرء إلا أن يثمن الروح الوطنية العالية للمركزيات النقابية في تفهمها للإكراهات المالية العمومية، وفي ذات الآن التشبث بالدفاع عن مصالح واسعة للشغيلة، ونجاح وزارة الداخلية في تجويد العرض المالي في مجال الزيادات في الأجور والتعويضات العائلية، رغم الإكراهات الاقتصادية التي تعرفها البلاد..

    إنه عين العقل أن يجلس كل الفاعلين إلى مائدة الحوار بدل التعنت والرفض المجاني، وغلق المسؤولين لأبوابهم أمام باقي الفرقاء، إنه القرار السليم لتحقيق سلم اجتماعي غير مغشوش، فالحوار آلية ديمقراطية راقية لفض النزاعات وتحول المتصارعين إلى شركاء يمثلون قوة اقتراحية لتجاوز الأزمات، وهذه هي الروح المغربية الأصيلة.. حيث يضع المغاربة في لحظات الجد كل خلافاتهم وصراعاتهم ويجلسون على مائدة سواء يتقاسمون ما يوجد عليها بروح الكبار وأخلاق الإيثار، ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ليكون للاستثناء المغربي حقا ذلك المعنى المتميز الذي لا يعني البيع والشراء ولا التنازل عن الدفاع عن الحقوق والقيام بالواجبات الضرورية..

    لا يمكن لنا إلا أن نثمن المبادرتين، ونشد على يد تنسيقية الأساتذة المتعاقدين وحسن تفهم الوزارة لملفهم المطلبي، ونقدر عاليا الروح العالية للمركزيات النقابية في الدفاع عن مطالب الطبقة العمالية وتفهم إكراهات الوطن، ففي شهر الكذب هذا، استيقظنا على حقيقة صادقة، وهي التي أسميتها بأخلاق الكبار، روح التوافق على مائدة حوار لا يوجد فيها غالب ولا مغلوب، لأن من ينتصر هو المغرب في نهاية المطاف.. فعلا إنه المغرب الحقيقي الذي يسكننا ونسعى جميعا ليبقى دائما روعة في الجمال رغم كل مظاهر القبح المترامية بجنباتنا.. سير على الله.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث