بوح الأحد:مافيا إتجار بالبشر،خبايا الرحلة من دارفور إلى السياج الفاصل مع مليلية

بوح الأحد:مافيا إتجار بالبشر،خبايا الرحلة من دارفور إلى السياج الفاصل مع مليلية

A- A+
  • بوح الأحد: مافيا الإتجار بالبشر، خبايا الرحلة من دارفور إلى السياج الفاصل مع مليلية، التحقيق يجب أن يشمل الجزائر و كل الطوابرية، مؤتمر النهج في ضيافة الجماعة و أشياء أخرى

    كعادتهم دائما، يبحث الطوابرية عن أي قضية لتشويه سمعة المغرب بدون النظر العميق إليها من زوايا متعددة تحقيقا للموضوعية اللازمة و الصرامة المطلوبة للنظر المنصف في كل قضية. اصطفافٌ مثل هذا بات مألوفا عند المغاربة ولم يعد مستغربا على فئة لا هم لها سوى خدمة أجندات أجنبية والتستر على المجرمين الحقيقيين المستعدين لحرق الأرض وسوق الأرواح إلى الموت لخدمة أهداف هم متأكدون قبل غيرهم أنها مستحيلة التحقق.
    نودع هذا الأسبوع على وقع فاجعة إنسانية تستحق التفكير المتأني لفهم خلفياتها ونتائجها واستخلاص العبر لتجاوز تكرارها. لقد شهد المعبر الحدودي والسياج الفاصل بين مدينتي الناظور ومليلية يوم الجمعة 24 يونيو محاولة منظمة وغير معتادة لعبور السياج الحدودي بقوة وعنف واستفزاز من طرف المئات من المهاجرين من جنوب الصحراء مما أسفر عن مصرع 23 مهاجرا وإصابة آخرين. حجم العنف الممارس من طرف المهاجرين أسفر عن إصابة 140 شخصا من أفراد القوات العمومية ناهيك عن الخسائر التي كبدها هذا الهجوم.
    للوهلة الأولى، تتبادر إلى الذهن أسئلة كثيرة عن سبب هذه المحاولة وتوقيتها وهدفها وطبيعة هؤلاء المهاجرين وأسباب هذا العنف. وهي أسئلة مشروعة لن تغيب عمن يتابع ملف الهجرة في المغرب وألف مشاهدة المهاجرين في مختلف مناطق المغرب بما فيها المناطق الحدودية وصار على دراية بسلوكاتهم وبرنامجهم اليومي الذي يضع نصب عينيه العبور إلى الضفة الأخرى ولكن بدون مغامرة كارثية لا تتوفر لها نسب ضعيفة للنجاح كما حدث يوم الجمعة. والسؤال اللغز الآخر هو ما سبب تسليط الضوء المضاعف على حادثة معبر مليلية دون غيرها ومن طرف نفس الأشخاص؟ وما سر هذه السرعة والإسهال في تغطية الحدث بدون استحضار لكل حيثياته والمعنيين به وبدون توازن مع أحداث مشابهة له تقع في كل الحدود المتاخمة لوجهات الهجرة في العالم.
    للتذكير فقط، فقد شهد الأسبوع نفسه حادث مأساوي بولاية تكساس الأمريكية لقي فيه 46 مهاجرا مصرعهم بسبب اختناقهم داخل مقطورة شاحنة جراء ارتفاع درجات الحرارة. وبالمناسبة، فمثل هذه الحوادث تتكرر باستمرار في المناطق الحدودية بين الدول التي تعرف تدفقا للمهاجرين ومرشحة للتكرار طالما أن الفوارق تتسع بين الشمال والجنوب، وطالما أن هناك أزمات تتفاقم في هذا العالم، وطالما أن ثروات الأرض لا توزع بشكل عادل بين معمريها. والسؤال هو لماذا لم تنل حادثة تكساس ما تستحقه من اهتمام من طرف الطوابرية كما اهتموا بحادث معبر مليلية؟
    يدفع المغرب ضريبة جغرافيته بشكل مضاعف وبكلفة مرتفعة، ويؤدي فاتورة مجاورته لأوربا يوميا، ويبذل من أجل الوفاء بالتزاماته مجهودات لا ينكرها إلا ناقم وجاحد، ويدبر ملف الهجرة بحكامة يشهد له بها الجيران الأوربيون وكل المنظمات المهتمة بملف الهجرة وقضايا المهاجرين رغم أنه الأقل استفادة مقارنة مع الدول التي توجد في نفس وضعيته في الحدود مع أوربا ومصنفة ضمن الوجهات الأكثر تفضيلا للراغبين في الهجرة نحو الإلدورادو الأوربي. ويكفي هنا التذكير بأن المغرب ينفق نصف مليار أورو سنويا لمكافحة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وبالمقابل لا تتجاوز مساعدات الاتحاد الأوروبي 15 مليون أورو في السنة كمتوسط، وهو ما يبين أن المغرب يقف على ثغر حماية حدوده مع أوربا بموارد ذاتية أساسا.
    ويشهد للمغرب والمغاربة أنهم لم يغلبوا قط المقاربة الأمنية في التعامل مع المهاجرين، بل رجحوا دوما مقاربة إنسانية حتى أصبح مهاجرو افريقيا جنوب الصحراء جزءا من النسيج المجتمعي في مختلف مدن المغرب وليس فقط المناطق الحدودية.
    لقد تبنى المغرب منذ عام 2013 سياسة متقدمة لملف الهجرة أسفرت عن تسوية أوضاع عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، وتمتيعهم بمختلف الحقوق التي يتمتع بها المغاربة، ومنهم الآلاف يتابعون دراستهم بالجامعات المغربية ويستفيدون من منح دراسية مغربية، كما تمرس المغرب في مواجهة محاولات تجاوز حدوده نحو الضفة الأخرى حيث نجح في التصدي لشبكات الاتجار بالبشر وتفكيك 1300 شبكة خلال الخمس سنوات الماضية ونحو 100 محاولة خلال الخمسة أشهر الأولى من هذا العام، وأحبط أكثر من 360 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية منذ 2017 منها 26 ألفا خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2022. فما الذي استجد إذن في هذا الملف حتى يغير المغرب سياساته الناجحة والفعالة هذه ويلجأ إلى استعمال العنف المفرط ضد مهاجرين كما يدعي المتحاملون على المغرب؟ وهل من المنطق أن تغير دولة سياسة ناجحة وتنال اعتراف الجميع بسياسة غير مأمونة النتائج؟!
    لن يجد المتفحص لهذا الملف جديدا يذكر، كما أنه لن يجد في سياسات إسبانيا والاتحاد الأوربي متغيرات تجاه هذا الملف في العلاقة مع المغرب رغم أن النيتو، ومباشرة بعد حادث معبر مليلية، أقر في قمة مدريد وبطلب ملح لدول عدة وضمنها إسبانيا وثيقة تحدد المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف ضمن العقد القادم وتضع هذه الوثيقة الهجرة غير النظامية ضمن “التهديدات المختلطة” التي يمكن أن تستخدمها القوى المعادية لتقويض استقرار دول الحلف، كما تشير الوثيقة أساسا إلى مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والساحل مؤكدة أن استمرار هذا الوضع يوفر أرضية خصبة لانتشار الجماعات المسلحة والمنظمات الإرهابية.
    الحمد لله أن دول الشمال بدأت تعي هذه الحقيقة، وتستوعب المعاناة التي تواجهها دول مثل المغرب لمنع تدفق المهاجرين الذين لن تقل أعدادهم بتوصيات تتخذها قمم الصالات المكيفة أو إجراءات أمنية استباقية مهما كانت فاعليتها أو تدخلات أمنية كيفما كانت درجتها لأن ملف الهجرة لن يعالج بدون مقاربة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار البعد الأمني والديمغرافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والإنساني، وبدون تصدي صريح لشبكات الهجرة والاتجار بالبشر ومواجهة تامة للمنظمات الإرهابية وكل من يدعمها ويوفر لها عوامل البقاء والانتشار.
    لا مصلحة للمغرب نهائيا في تغيير سياساته الناجحة في ملف الهجرة وتأمين حدوده، وهذا ما يجعل السؤال ملحا حول خلفيات حادث الاقتحام الأخير ومن يقف وراءه وسر اختيار توقيته وهدفه الحقيقي؟ والإجابة عن هذه الأسئلة لن تتحقق بدون عرض للمعطيات الأساسية حول هذه العملية.
    تشير المعطيات أن عدد المقتحمين للمعبر الحدودي بلغ ألفي مهاجر سري ينحدر أغلبهم من جنسيات تشادية وسودانية ومن دارفور ودخلوا المغرب عن طريق ليبيا في توقيت واحد إلى الجزائر التي رعتهم وحددت لهم مهمة قذرة وأدخلتهم من حدودها إلى المغرب وأغلبهم متمرسون على العنف و مدججون بأسلحة بيضاء (عصي وحجارة وسكاكين وأسلاك معقوفة “مخاطيف”…)، وسنكون مضطرين لمعرفة تفاصيل أكثر مع مرور الأيام بعد البحث مع مئات المعتقلين والمحاكمين لمعرفة حقائق حول من يسر تنقل هؤلاء ومول سفرهم وأدخلهم إلى المغرب ووضع لهم خطة الهجوم الجهنمية وهو يعرف أنها فاشلة ولن تكون لها من نتيجة سوى أرواحهم.
    لم يتخيل أكثر المتابعين لحماقات نظام العسكر في الجزائر أن يبلغ بهم الهوس هذا المبلغ للإيقاع بين المغرب والاتحاد الأوربي وتكدير صفو العلاقات المغربية الإسبانية التي يرى هذا النظام الفاشل نفسه المتضرر الرئيسي منها، كما لم يتخيل أحد أن انعدام الحس الإنساني يمكن أن يوصل نظام العسكر إلى الزج بآلاف الأفارقة إلى حتفهم بهذه الطريقة بحثا عن مصلحة يعرف مسبقا أنه لن يحققها.
    يحسب للمغرب أن تمرسه على مواجهة محاولات العبور الجماعي ومهنية القوات المرابطة على الحدود جعلاه يخفض من حجم الكارثة. ويحسب للمغرب أنه حمى حدوده بأقل كلفة ممكنة تجاه حملة منظمة ومخطط لها منذ شهور خارج المغرب ومرعية من طرف مافيات الاتجار بالبشر ومتوفرة على تسهيلات من الجزائر والبوليساريو. أغلب الضحايا والإصابات كان سببها هو التدافع بين المهاجرين وسقوط بعضهم على بعض لأن عدد المقتحمين كان كثيرا مما تسبب في فوضى ساهم استعمال العنف العشوائي من طرفهم في الرفع من عدد الإصابات. هل من السهل التصدي لهجوم مباغت لهذا العدد المدجج بالأسلحة البيضاء والموجه من طرف مافيات؟ الجواب المنطقي هو ما صرح به خوسي مانويل ألباريس وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني حين قال بأن ” من الواضح أن هجوما من 2000 شخص تصعب إدارته” ناصحا ب”زيادة تعزيز تعاون اسبانيا مع المغرب ومع بلدان الانطلاق والعبور…ومشاركة الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية في هذا المجال ضرورية أيضا”.
    كالعادة، ترتفع بعد حادث كهذا أصوات هنا وهناك مطالبة بفتح تحقيق، وهو أمر واجب مع ضرورة توسيع دائرة التحقيق لتشمل كذلك من سهل ومول وخطط وأدار عملية الاقتحام وعدم الاقتصار على لحظة التصدي لسيل المقتحمين الجارف كالطوفان حينها والذي ما كان ليترك أمامه شيئا لو فتح له باب الاقتحام. ولن ينجح التحقيق في توضيح الحقائق ما لم يتحدث المعنيون بهذا الاقتحام عن حقيقة ما عاشوه منذ مغادرتهم لتراب بلدانهم. هذا هو التحقيق اللازم في هذا الحادث المأساوي لتجنب تكراره، وهو متاح لكل هيئة تبحث عن الحقيقة بنية حسنة ومن أجل هدف نبيل، وقد باشرت النيابة العامة وغيرها من الهيئات هذه المهمة وحتما ستعلن نتيجته. ولكل حادث حديث. أما استغلال الموالين للبوليساريو والجزائر للمؤسسات الدولية لتمرير مواقفهما تجاه المغرب وتصفية الحسابات مع إسبانيا التي تنكرت لهما فإن المنطق السليم لدول مجلس الأمن كفيل بالتصدي له، وهو ما حدث لكينيا، العضو غير الدائم في مجلس الأمن والمعادي للوحدة الترابية للمغرب، يوم الأربعاء المنصرم حين حاولت استصدار قرار إدانة للمغرب وإسبانيا فتصدت لها الولايات المتحدة الأمريكية، والأهم أنه لم تسايرها الغابون وغانا في ترهاتها، وهو ما يؤكد مرة أخرى التراجع الكبير الذي تعيشه الجزائر والبوليساريو قاريا.
    نشط الحادث الطوابرية أمثال الكوبل الهارب من العدالة والأحمق المرابط في إسبانيا وسمبريرو الذي يعيش خريف عمره الصحفي، وأظهر حقدهم الدفين على المغرب ووجدوا فرصة لتعكير العلاقات الأوربية المغربية، حيث خرج أغلبهم عن صمته واكتفى بالتنديد وإدانة التدخل الأمني المغربي دون غيره وغض الطرف عن حقيقة هؤلاء المهاجرين واستعمالهم العنف وأغمض عينيه عن طريقة دخولهم للمغرب ولم يشر بأي إشارة إلى مافيات الاتجار بالبشر ومسؤوليتها عن هذه المآسي الإنسانية. ينسى الطوابرية أنهم يقومون بعمليات انتحارية بتبني هذه الملفات الخاسرة التي تظهر حقائقها بسرعة وتفضحهم أمام الرأي العام وتزيد من عزلتهم مجتمعيا وتكشف حقيقة موالاتهم وتبعيتهم لنظام العسكر في الجزائر التي تزداد حماقاتها كلما فشلت محاولاتها ولم يعد بالإمكان تصور حدود لهذه الحماقات.
    الباب مفتوح أمام الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي للاطلاع على كل ما يرتبط بالحادث وترتيب الجزاءات اللازمة على كل مقصر أو متآمر، وستكتمل مهمة هؤلاء الراغبين في معرفة حقيقة الحادث إن هم تحملوا مسؤولية كاملة في إيجاد حلول حقيقية لهذه الظاهرة المرشحة للتزايد بسبب تداعيات كوفيد وموجة الغلاء وتدهور ظروف العيش في دول افريقيا جنوب الصحراء. ولا يقبل من هؤلاء أن يكونوا متفرجين وغير مبالين بمعاناة الدول التي على الحدود لتأمين حدودها، كما لا يقبل منهم لومها إن قصرت عن القيام بهذا الواجب إن نجحت محاولات الاقتحام، كما لا يقبل منهم أن يتعاملوا بمكيالين مع موضوع الهجرة فيقيموا الدنيا في ملف دون آخر ويوجهوا اهتمامهم لمنطقة دون أخرى. تصبح هذه الهيئات غير محايدة وسلبية وبدون مساهمة تذكر في حل هذا الملف المعقد. وأول الحلول هو تخفيف الضغط على دول العبور والاستقبال بتبسيط إجراءات منح التأشيرة للأفارقة من دول المنبع عوض تركهم عرضة لنهب مافيات الاتجار في البشر.
    ها هي قنبلة فارغة أخرى يفجرها نظام العسكر ويثبت معها أنه يلعب بالنار ويهدد استقرار المنطقة لفائدة مافيات الجريمة العابرة للحدود والمنظمات الإرهابية، وها هو ملف آخر يفضح الطوابرية ويكشف حقيقتهم.
    ومن أكبر الطوابرية الذين فضحهم هذا الحادث المأساوي الوزير المصبع الذي أصابه الخرف فحاول الركوب على الحادث بطريقة فجة. زيان المتصابي يمنع تنفيذ حكم قضائي حان وقت تنفيذه بدعوى أن المكتب الذي يستغله بدون موجب حق أو قانون يضم تاريخ المغرب ويتناسى أنه يركل “الوثائق الناذرة” برجله في فيديو منشور للعموم. أهكذا يتعامل مع الوثائق التاريخية؟ وما الذي يجعلك تبقي على وثائق في غير ملكيتك بمكتب ليس لك؟ وما الذي يجعلك تضع ملفات مكتبك بجانبها؟ أهكذا يؤتمن المحامي على أسرار موكليه؟
    زيان كعادته، يتجاهل صلب الموضوع وهو احتلاله لمكان بدون حق ويقفز للحديث عن كل شيء بدءا من الذهب ومرورا بالفوسفاط والريح والماء وانتهاء بتنبؤات بمضاعفة ثمن السكر والدقيق قبل غشت. النقيب الأسبق والمفروض فيه احترام القانون والمؤسسات يسب المؤسسات والقضاة والأمن بدون سبب رغم أنه يشهد بلسانه أن لا أحد مس ملفات موكليه. والأدهى والأمر أنه يجيز لنفسه مطالبة كل الصحفيين، الذين ما زالوا يرون في خرجاته سكوبات وقدرة على صناعة البوز وجلب المشاهدات فيحضرون ليغطوا هلوساته،
    بعدم سؤاله عن ملف احتلاله لعقار في غير ملكيته وتوجيه أسئلة له عن حادث معبر مليلية لأنه يراه حصانا مناسبا للركوب عليه ظنا منه أنه “يقلي السم” للسلطات المغربية. نسي الشيخ المتصابي أنه لم يعد قادرا على متابعة الأحداث ولذلك زاد من عنده عدد قتلى الحادث الذي قال أنه 100 روح ماتت. للأسف، هذا هو منهج الطوابرية: الكذب والبهتان والحقد.
    أساليب الطوابرية صارت مألوفة وخططهم صارت مفضوحة حلقاتها قبل أن تبدأ. وعلى نهج الجمعية المغربية لحقوق الطوابرية يسير حزب “النهج الديمقراطي” اسما بلا مسمى الذي يندد من أجل التنديد فقط كعادته. يعلم ما تبقى من مناضلي اليسار في هذا الحزب بعد انصراف العديدين عن هذا الدكان الصغير الذي لم ينضج قادته رغم بلوغهم من الكبر عتيا أن لا أحد يمنعهم من تنظيم مؤتمرهم إن هم عزموا على هذا الأمر وتوكلوا على إمكانياتهم الذاتية، ولكنهم يعلمون أن مؤتمرهم سيمر بصمت ولن يكترث له أحد، ولذلك فهم يبحثون عن صناعة الضجيج الإعلامي ليسوقوا لبضاعة يعرفون أنها بائرة وقديمة ولم تعد تستهوي المغاربة ولذلك يرفضون دخول غمار المنافسة الانتخابية. والملاحظ أن طريقة النهجويين لم تعد تنطلي على الحقوقيين ولذلك لم يتضامن معهم أحدا من المنظمات المعروفة واقتصر الحضور التضامني معهم على ما تبقى من مناضليهم الذين غاب أغلب رموزهم وكذلك أعضاء الجماعة إياها. وبئس اليسار الذي تنكر لقيمه وثراته وتاريخه وصار رهينة للعدل والإحسان التي تؤثث طاولة ندوته الصحافية. الأولى لمن بقي يساريا من النهجويين ويعتقد أنه ما يزال وفيا لقيم اليسار أن يفكر في مآل الحزب وقد تدهور وضعه إلى هذا الحد من المسخ الإيديولوجي والسياسي الذي يسمح بزواج المتعة هذا مع تنظيم ماضوي نقيض للتقدمية التي يناضل النهجويون من أجلها. والأولى لمناضلي هذا الحزب التفكير في حالة العزلة التي وضعوا أنفسهم فيها وتبعاتها على مستقبل الحزب والتفكير في خيارات سياسية أكثر واقعية تضع حدا للأحلام والطوباويات القاتلة التي حكمت مسيرة الحزب منذ تأسيسه والتي لا تزيده إلا تحجيما وعزلة وابتعادا عن الواقع والمغاربة. والأولى لقيادة النهج الابتعاد عن افتعال قضايا المظلومية للتهرب من تحمل مسؤولية الفشل في تدبير شؤون الحزب وصناعة قيادات شابة وإعادة إنتاج نفس الوجوه والسياسات. مصلحة الحزب أن يفتح باب جديد لقيادات وأفكار جديدة تأخذ بعين الاعتبار المراجعات التي تعرفها تيارات أقصى اليسار في العالم كله وعدم الاستغراق في أصولية يسارية تستقي أفكارها من أصوليات دينية جامدة متطرفة وعنيفة.
    هذا هو التحدي الحقيقي أمام النهجويين وليس قاعة لتنظيم مؤتمر يعرفون قبل غيرهم أن قاعة مقرهم تكفيهم إن هم فعلا كانوا صارمين في معايير العضوية وانتداب المؤتمرين وفق ما هو متعارف عليه في التنظيمات اليسارية الديمقراطية عالميا.
    صار الطوابرية مكشوفين للرأي العام، ولم تعد تحركاتهم تتطلب أدنى تدخل من السلطات، وصارت كل حركاتهم تفضح نواياهم وأهدافهم، وأصبحت الأحداث والظرفيات التي تحركهم أكبر كاشف للأجندات التي يخدمون والارتباطات التي تجمعهم. وهذا أكبر مكسب لأنه يسحب منهم كل أوراق الضغط التي ألفوا استعمالها لتحقيق مكاسب من ورائها.
    مغرب اليوم لا إمكانية فيه لهذا الضغط وهذا الاستغباء للرأي العام. فقط اللي عندو الصح يزيد، أما الباقي فما عليهم إلا مراجعة حساباتهم واحترام القانون. وهذا ليس صعبا أو مستحيلا طالما أن الطوابرية لا يفتأون يذكروننا أنهم يريدون دولة القانون.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث