حين تتكلم الجزائر بلغة الحرب

حين تتكلم الجزائر بلغة الحرب

A- A+
  • حين تتكلم الجزائر بلغة الحرب

    السياسة سياسة والحرب حرب، قد نتفق مع كلاوسفيتش أكبر منظر بروسي للحرب، التي لم ير فيها سوى صراعا سياسيا بوسائل أخرى، لكن ممارسة السياسة بلغة حربية يكاد يكون إبداعا عسكريا جزائريا محضا، للأسف إنه إبداع متخلف لا يساير روح العصر ولا التطور الفكري والحضاري الذي حملته الديمقراطية والإبداع الكوني في مجال القانون الدولي والعلاقات الدولية..

  • يفضح النظام الجزائري طبيعته العسكرية التي ظل يخفيها، لكن منذ أن طالب الشارع الجزائري بـ “دولة مدنية لا عسكرية”، يبدو أن جنرالات الجزائر أصبحوا في حل من ستر هويتهم، وحتى من يفترض أن يكونوا مدنيين من خلال بذلاتهم وأزيائهم، أصبحوا يتكلمون لغة عسكرية تتقطّر منها روح العداء والحرب، وحتى اللغة الدبلوماسية التي تفرض اللباقة والأعراف البحث دوما عن المشترك الإنساني وعن روح التوافق والحلول الودية عبر الحوار والتفاوض، ولا تنحني للبزات العسكرية وشهوانيتها في الدماء ونيران الحروب.. في المقابل لا تنشغل الدبلوماسية المغربية بالرد بالمثل، ليس لضعف أو جبن، ولكن لحكمة وتبصر بعيدين، ببساطة لأن الأمر يتعلق بدولة عريقة خبرت الحروب داخل رقعتها الجغرافية وخارجها، وكانت لجنودها في الكثير من المعارك، أمجاد وصولات.. حتى مع الجزائر من حرب الرمال إلى أمكالة..

    لكن خيار التهديد بالحرب ليس سبيل الشجعان، والذين يقودون بلدا يجب أن يفكروا في رفاهه وتنميته وتوفير الغذاء والعمل والتطبيب والتعليم لمواطنيه، لا أن يفكروا في النياشين التي يوشح بها الجنرالات الذين يخططون للحرب ويجنون مغانمها فقط، أو يبحثوا عن تصدير عجزهم وتفاقم أزماتهم الداخلية، فضربة المروحة لم تكن يوما إرثا مغربيا، ولا يمكن لتبون وشنقريحة أن يعتقدوا يوما بأن المغرب يمكن أن يعتدي عليهم أو حتى يرميهم بضربة مروحة، فلا “باي” عندنا ولا حاكم يفتقد اللغة الدبلوماسية، فالمغرب بلد حكيم لا يخشى الحرب، لكنه لا يعتبرها الطريق الأسلم لتسوية النزاعات وحل المشاكل التي يمكن أن تنشأ بين دول الجوار..

    من هزيمة أو انتصار في ملعب لكرة القدم، أو أي تنافس رياضي يفرض أخلاق التسامح، حتى ولو يكون المغرب طرفا فيه، كما مباراة كأس العالم الإقصائية بين الفريق الجزائري الشقيق والكاميرون، تبدأ قذائف المسؤولين الجزائريين بالتحرش بالمغرب.. إلى ندرة المواد الغذائية في السوق الجزائري في هذا الشهر الكريم، يستل المسؤولون الجزائريون خناجرهم وسيوفهم لإعلان الحرب على الجزائر، ويحشون كلماتهم بلغة أشبه بشفرة حلاقة كما لدى قطاع الطرق، حتى البيان الأخير لوزارة الخارجية الجزائرية الذي بدا مثلما يزرع الريح ليحصد العاصفة، أشبه بإعلان حرب من طرف الدولة الجزائرية على المغرب، وهنا ليس فقط المغرب من لم يجار البيان العدواني للجزائر، بل حتى الشقيقة موريطانيا “ثقبات” بالون الحرب الذي أعلنته الجزائر على المملكة واعتبرت أنها غير معنية بأي حدث لم يقع فوق أراضيها و ترى أنها غير مستهدفة، والأمم المتحدة اعتبرت تحركات الجزائر في المنحى الأممي أشبه بلعب عيال، ولا أحد انجر للعبة الجزائر.

    فاللهم ارزقنا خصما عاقلا، أما المجانين فلهم مارستان التاريخ.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث