الانتصار له طعم مغربي أيضا

الانتصار له طعم مغربي أيضا

A- A+
  • ما حققه النسور الخضر أدخل الفرح على قلوب ملايين المغاربة في كل مكان، هذا الفوز المستحق عن جدارة جعل الفرح خاصية مغربية أيضا، هذا الانتصار لم يسقط من السماء.. ولم يولد مثل ضربة حظ، ولكنه جاء نتيجة مجهودات جبارة شارك في صنعها مع اللاعبين المكتب المسير والجامعة الملكية لكرة القدم والجمهور الواسع والمدرب والفريق التقني الساهر على المجموعة الذي ترجم هذا الانسجام الحاصل بين لاعبي الفريق والروح القتالية التي أبانوا عنها، فعلا لقد أمتعونا وحصلوا على اللقب بسبب ما أسمته البرقية الملكية بالروح الكروية والتنافسية العالية للاعبين..
    الكرة الساحرة تفعل الأعاجيب، خاصة إذا كان وراءها تضافر الجهود، التضحية، نكران الذات، روح الجماعة والانسجام الذي جنى فريق الرجاء البيضاوي كله ثماره ومعه الجمهور الداعم والفرحة الكبرى التي عمت المغاربة مع هذا الانتصار في عمقنا الإفريقي، وهو انتصار جاء مصاحبا لما سبق أن حققه فريق الوداد البيضاوي ولانتصارات المنتخب الوطني التي بدأت تعيد أمجاد كرة القدم المغربية أيام زمان..
    لم لا نحقق ذات الفرحة في ساحات أخرى مثل التنافس السياسي الراقي؟ لم لا نفوز في الاستحقاقات السياسية للسير نحو الديمقراطية بمثل الفوز الذي حققه النسور الخضر في أرض الميدان؟ ما الذي ينقص اللاعبين السياسيين والنقابيين والفاعلين الجمعويين من أن تكون لهم ذات الروح التنافسية الشريفة التي تحلى بها لاعبو الرجاء البيضاوي؟ وهذه الأحزاب التي اتخذت لها شعارات الجرار، السبع، الساروت، السيارة، الوردة، القنديل، الميزان، الحمامة، السنبلة، الغزالة والدلفين و… لم لا تكون مثل النسور الخضر، لعبا قتاليا ومراوغات ذكية واستراتيجية الانتشار في الميدان والتنسيق بين أعضاء الفريق بروح جماعية لإتحاف الجمهور الذي يطير وراءهم إلى آخر الدنيا، مشجعا ومتحمسا ومضحيا بكل شيء من أجل فريقه؟ لم لا يجعلونا نهيم بعشقهم ويسحرونا بأدائهم ويدخلون الفرحة إلى قلوبنا والبهجة إلى صدورنا؟
    وهذه الحكومة التي تشبه الأخرس في الزفة، لم لا يكون لها نفس الأداء الجميل الذي أبداه أعضاء الفريق الرجاوي؟ من أين أتى أعضاؤها بهذه النفس الباردة، لا يجيدون اللعب النقي، لا يبادرون ويفتقدون لروح الفريق، وزير تيشرق ووزير تيغرب، وواحد تيبني وواحد تيريب، وأغلبهم يبحثون عن الهدف في مرماهم الشخصي، ويتركون مرمى الخصم وشباكه فارغة ونقية، كما يقول المعلقون الرياضيون، وليس خصم أي حكومة جادة سوى الفقر والجهل والخصاص الاجتماعي والتخلف والظلم والحكرة وعدم المساواة.. حكومة كل مرة يوجد لاعبوها في وضعية المتسلل أو خارج اللعب، وكراتها الممررة بين أعضائها أشبه بالفرص الضائعة، يركضون وسط الملعب تائهين وضائعين، لا يحملون قميصا موحدا ويفتقدون لروح الفريق المنسجم الذي يخضع لتنسيق العميد ولتوجيهات المدرب، ويبدعون القرارات والمخططات والمشاريع التي تبهجنا كجمهور لم يعد يحس بالفرح من الأداء الحكومي؟.
    ما الذي ينقص سعد الدين العثماني ووزراء حكومته من أن يموتوا على الكرة، ويدافعوا على شرف القميص الوطني، ويمتعوا جمهورهم ومشجعيهم؟ هل يفتقدون للياقة الذهنية اللازمة؟ أبدا.. هل ينقصهم الخضوع إلى التداريب والمعسكرات التدريبية ليكونوا مؤهلين لتسيير الشأن العام؟ ربما.. أم يفتقدون إلى الروح التنافسية التي ملكها لاعبو فريق الرجاء البيضاوي وحققوا بفضلها لقبا عن جدارة واستحقاق؟ بكل تأكيد.
    في رأيي الشخصي، حتى ولو غيرنا اللاعبين فإننا لن نحصل على فريق حكومي منسجم ولا لعب رياضي ممتع، ولا جودة في الأداء الفني.. لأن الداء يوجد في أصل المشكل، في قواعد اللعب وفي “اللّعابة” وفي الهيئات السياسية التي يأتي منها اللاعبون وفي أخلاقيات اللعب المفقودة في الساحة السياسية، ويلزمنا جهد كبير لتغيير كل شيء بروح توافقية حول مبادئ كبرى تشكل قاسما مشتركا، ولروح قتالية ضد التخلف والتزوير والريع وكل طفيليات العمل السياسي.. وهذا يلزمه صبر وعمل طويل لنحقق الانتصار تلو الانتصار كما فعل نسورنا الخضر… هنيئا للرجاء العالمي.. في انتظار ألقاب أخرى في مجالات عديدة… ألا نستحق ذلك كشعب تواق للفرح والانتصارات..؟

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أمطار قوية: الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي مستعملي الطريق بالحذر