مفاوضات الأحزاب حول قوانين الانتخابات : “مقايضة” التصويت الإجباري بالقاسم الانتخابي

علمت “شوف تيفي” من مصدر حزبي، بأن المفاوضات التقنية بين الأحزاب السياسية حول المنظومة القانونية للانتخابات المنتظرة السنة المقبلة، لازالت مستمرة رغم الشلل الذي تعيشه بسبب قضية القاسم الانتخابي ورفع عدد مقاعد البرلمان.

ووفق المصدر ذاته، فهناك محاولات جريئة لتقريب وجهات النظر، تستهدف إقناع حزب العدالة والتنمية، بالتراجع عن تعنته حيال عملية احتساب القاسم الانتخابي، حيث لازال “البيجيدي” مصر اعلى احتسابه اعتمادا على الأصوات الصحيحة، فيما باقي الأحزاب تطالب باحتساب القاسم الانتخابي اعتمادا على عدد المسجلين.

وأضاف المصدر ذاته، بوجود محاولات للتفاوض على قضية التصويت الإجباري، حيث تشترط بعض الأحزاب، للموافقة على القاسم الانتخابي اعتمادا على الأصوات الصحيحة كما يرغب “البيجيدي”، لكنها تشترط التنصيص على إجبارية التصويت، وهو مايرفضه “البيجيدي”.

وأوضح المصدر ذاته، بأن المنظومة القانونية للانتخابات سيتم حسمها نهاية الشهر الجاري داخل المجلس الحكومي قبل إحالتها على البرلمان، مشيرا بأن الظروف العامة والإجماع الوطني تجاه تطورات قضية الصحراء المغربية، سيحرج زعماء الأحزاب السياسية، وسيدفعها للتوافق.

وفي ذات السياق، أفاد الأكاديمي رشيد لزرق، بأن “الجدل حول اعتماد نمط الاقتراع يعتبر من أهم القضايا الخلافية بين الأحزاب السياسية، وهو اختلاف طبيعي وعادي يثار حتى في الدول العريقة في الديمقراطية، فلا يوجد نظام أفضل من آخر، بقدر ما يوجد نظام يتلاءم أكثر مع المناخ السياسي وخصوصية كل دولة وفق معطياتها، وإجمالًا لكلّ نظام مزايا وعيوب”.

وعموما، يضيف لزرق، “فإن هناك معادلة صعبة بين فعالية أي نمط وبين العدالة الانتخابية، فنمط الاقتراع النسبي عموما هو أكثر عدالة انتخابية وأقل فاعلية سياسيا خلافا لنمط الاقتراع الأغلب، والمغرب اعتمد التمثيل النسبي مع أكبر البقايا وهو النمط المعمول به في المغرب، ويقضي بقسمة عدد الأصوات على عدد المقاعد لتحصيل قيمة المقعد الواحد أو ما يسمى القاسم الانتخابي أو المعامل الانتخابي، ومن ثم يقع منح مقعد لكل لائحة بحسب عدد مرات تحصيلها لهذا القاسم، ثم تحصل كل لائحة على المقاعد المتبقية بحسب ترتيب أكبر البقايا إلى أن تتم تعبئة كل المقاعد”.

والتعديل الذي يثير جدلا هو اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية بدل الأصوات المعبر عنها الصحيحة، كما هو معتمد حاليا، وبموجب هذا التعديل يمكن ان يؤدى إلى ضمان تمثيلية متنوعة، بحيث يصعب على أي لائحة الحصول على أكثر من مقعد في الدائرة؛ وبالتالي حصول أي حزب على الأغلبية البرلمانية؛ وهو ما يعرفه المغرب في انتخابات مجلس النواب، وهو ما فرض وجود تحالفات حزبية. وغالبًا ما يقع اعتماد هذا النمط الانتخابي في البلدان التي تعرف تحولات ديمقراطية لضمان عدم هيمنة أي حزب على المشهد السياسي.

ووفق لزرق، يؤدي نظام التمثيل النسبي مع أكبر البقايا لتعددية برلمانية مكثفة ويرغم على التوافق لكونه يحول دون وجود حزب مهيمن وهو ما يحد من فاعليته، لكونه يكون سببًا لعدم الاستقرار السياسي وبروز تجاذبات بين الأحزاب المتحالفة قد تؤدي إلى سقوط الحكومة، مما يشكل عائقًا ينتج عدم الاستقرار السياسي في ظل تقلبات التحالفات وعدم قدرة أي حزب على فرض برنامجه، وهو ما يأخذه اليوم أنصار تغيير هذا النظام حجة لاستبداله، بحيث توجد هناك مبررات جديّة ومتماسكة تفترض تعديل نمط الاقتراع الحالي عبر طرحه للنقاش، بشكل عقلاني بغية توفير مناخ سياسي قوامه المصداقية، من خلال توفير كل الضمانات لكي تكون انتخابات حرة ونزيهة. لهذا ينبغي أن يكون الهدف هو تحقيق المصلحة العليا، ومعرفة دقيقة للواقع المغربي الذي قوامه التعدد، والعيش المشترك، وبالتالي يجب عدم السعي لإقصاء المواطنين و يكون مجلس النواب مرآة تعكس المجتمع.

وهكذا، فإن واقع النمط الحالي أظهر أن أصواتا وأحزابا تسعى بقوة نحو نمط انتخابي لا يلائم إلا حزبين كبيرين انتخابيا، وقطبية ميكانيكية على حساب بقية الأحزاب، خاصة وأن الانتقال الديمقراطي لا يزال يسير ببطء. كما ما زالت المرحلة الحالية تفترض اعتماد التمثيل النسبي، ولكن مع ذلك يمكن القيام ببعض التعديلات الجزئية على النمط المعتمد على غرار جعل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، وهو ما يضمن إجمالًا تنوعا حزبيًا عقلانيًا لضمان عدالة انتخابية أكثر، ولكن بشرط جوهري هو التوافق الكبير للابتعاد عن منطق الغلبة في مسألة محورية في ترسيخ الخيار الديمقراطي وتحصين الديمقراطية المغربية الناشئة.

واختتم لزرق حديثه مع “شوف تيفي” بالتأكيد أن “تعديل النمط الانتخابي باتت الحاجة إليه ملحة أكثر مما مضى، ويجب أن يكون للمصلحة الوطنية الجامعة وليس لمصلحة طرف دون آخر”.

المصدر: شوف تي في