العدالة والتنمية والمظلومية

العدالة والتنمية والمظلومية

A- A+
  • في كل مرحلة حرجة يمر منها حزب العدالة والتنمية تلجأ قيادته إلى التباكي والتعبير عن الاستهداف ومحاصرة الإخوان والتضييق عليهم، كان هذا مجديا حين كان حزب «المصباح» في المعارضة، وكان يطلب منه تقليص تمثيله في الانتخابات، أما اليوم فالحزب الأغلبي هو الذي يقود الحكومة وهو عمودها الفقري لولايتين متتاليتين، والحكومة من خلال وزارة الداخلية الذي يفترض أنه عضو في حكومة سعد الدين العثماني هو من قاد الحوار مع الأحزاب السياسية التي عبرت جلها عن توافقها حول القاسم الانتخابي، فكيف يسارع قياديو العدالة والتنمية إلى تبني شعار المظلومية من اتحاد الكل ضده؟
    السبب بسيط، وهو أن الخط الشعبوي الذي سبق إليه عبد الإله بن كيران حين كانت تصدر حكومته قرارات قاسية في حق الطبقات الاجتماعية الأكثر هشاشة، كالزيادة في الأسعار أو حذف صندوق المقاصة أو الهجوم على مكتسبات الطبقة العاملة، فيأتي إلى البرلمان أو عبر إعلامه الحزبي ويبدأ في التباكي والحديث عن التماسيح والعفاريت الذين يعرقلون حكومته، وعن استهداف حزب العدالة والتنمية ومحاولة إطفاء نور المصباح بكل الدلالات البعيدة لجعل نفسه وحزبه في مقام
    «نور من الله» ومعارضيه في وضع الكفار… ونجح هذا البعد الشعبوي في انتخابات أكتوبر 2016، حيث بوأت صناديق الاقتراع حزب العدالة والتنمية الرتبة الأولى التي أعادته إلى رئاسة الحكومة.
    لكن الزمن تغير اليوم فلا السياق الكوني ولا الإقليمي ولا الوضع الداخلي يسمح للمغاربة بتكرار نفس التجربة السابقة، فالمغربي لا يمكن أن يلدغ من نفس الجحر ثلاث مرات متتالية.. اليوم هناك سخط عام على شكل التدبير الحكومي لأمور البلاد والعباد، وبدا واضحا أنه خلال الجائحة حين أدار الملك عمليات مواجهة فيروس كورونا المستجد كيف تمكن من إنقاذ المغرب من كارثة، وحين تولت الحكومة الأمور بعد رفع الحجر الصحي، كيف أصبحنا أمام كوارث قرارات آخر ساعة، والارتجال وفقدان البوصلة، والباقي ستخبرنا عنه الأيام القادمة مع اشتداد الأزمة وعدم نجاعة الإجراءات الحكومية حتى في تنزيل المقترحات والتوصيات الملكية.. من هنا فإن رفع شعار المظلومية، وأن هناك من يسعى إلى التحكم في الخريطة السياسية من خلف أحزاب المعارضة لضرب شعبية حزب العدالة والتنمية هو أشبه بـ«تسبيق العصا على الغنم»، أي أن إخوان العثماني يعرفون أنهم «زركوها» مع المواطنين وأن الجائحة وتداعياتها والارتجال الحكومي في التدخل زادت من سخط المغاربة على تدبير حزب العدالة والتنمية للشأن العام، وأن الأسطوانة المشروخة للعفاريت والتماسيح ماتت مع صاحبها الذي انتهى بتقاعد سمين ولم تعد تجدي نفعا اليوم وحتى مع استبدالها بإرادة التحكم بدت مثل وجبة بائتة لا طعم لها ولا قدرة لها على التجييش، وبالتالي فإن النتائج الانتخابية القادمة لن تكون في صالح الحزب الحاكم، لذلك يحاول أن يلعب دور الضحية وأن القاسم الانتخابي ليس له من هدف سوى استهداف حزب العدالة والتنمية، ومحاصرته وتقزيم وجوده..
    في أي دولة ديمقراطية يعتبر التوافق السياسي ترسيخا للعملية الديمقراطية وتحصينا لها عبر الجلوس إلى مائدة الحوار حول القوانين ومنها مدونة الانتخابات، فكيف يحاول حزب العدالة والتنمية لعب دور الضحية وتصوير أمر توافق كل الأحزاب السياسية على أنه استهداف لحزب المصباح؟ عدم التوافق هو ما جعلنا نعيش البلوكاج السياسي لأن بن كيران أصبح يعتبر أن الحكومة ملكية خاصة له، يدخل لها من يشاء ويخرج من نعيمها من يشاء، حتى ذهب بغير رجعة بمنطق الدستور، واليوم لا يمكن أن يزايد الحزب الأغلبي الذي يوجد في الحكومة التي ستشرف على انتخابات 2021 على باقي الأحزاب السياسيةـ حيث أن جزء كبيرا منها حليف للعدالة والتنمية في أغلبته الحكومية- ولا يمكن أن يحوز بين يديه الزبدة وثمنها.. ونوضو راه الشعب عاق وفاق… والبلاد وصلتوها للحيط…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أوزين: لاصراع مع الاتحاديين فقط طموح مشروع لرئاسة لجنة العدل والتشريع