في زمن الأزمة تبرز معادن الشعوب

في زمن الأزمة تبرز معادن الشعوب

A- A+
  • مهما كان اختلافنا، فإنه يجب أن نحس بالاعتزاز بهذا الوطن، في هذه اللحظة الحرجة التي تضرب فيها جائحة فيروس “كورونا” المستجد، دولة في طور الإقلاع. مصدر هذا الفخر، هو وجود ملك انحاز لسلامة مواطنيه من ربح الاقتصاد وسيران عجلته، ملك اتسمت كل قراراته بروح وطنية عالية يشهد بها الخارج قبل الداخل، من خطوات استباقية، من التفكير بالإنسان بدل المال، في حثه على إنشاء صندوق تضامني خاص بمواجهة الجائحة، ثم هناك مؤسسات قوية للدولة، أعادت لها جائحة “كورونا” الكثير من المصداقية والثقة، ثم هناك روح تضامنية عالية عبرت عنها كل أطياف المجتمع المغربي وروح إجماع وطني لم نعهده منذ عقود..
    وباء “كوفيد 19″، أبرز أيضا أنه رغم هشاشة البنية التحتية للصحة والتعليم، توجد لدينا طينة نظيفة مؤمنة بالوطن وبالعمل الإنساني النبيل الذي تقوم به، من أطباء وممرضين ووقاية مدنية وصيادلة ورجال ونساء الأمن بكافة أصنافه ورجال وأعوان السلطة والقوات المسلحة الملكية الذين يعرضون أنفسهم للمخاطر من أجل سلامة البلاد والعباد.. ثم يجب أن نلتفت إلى أنه برغم بعض حالات التهور وخرق حالة الطوارئ الصحية وعدم تقييد الحركة، فإن عموم المغاربة امتثلوا لتعليمات السلطات الصحية والعمومية ولم تحدث خروقات بالحجم الذي رأيناه في بلدان عديدة بما فيها الدول الأكثر تقدما منا.. فهذا هو المعدن الحقيقي للمغاربة، أنه في لحظة الشدائد يتحدون ويؤجلون خلافاتهم من أجل مصلحة الوطن.
    لكن الخطورة التي اكتشفناها مع جائحة “كورونا” المستجد، هي أنه يوجد بيننا أيضا تجار المآسي ومن يسترزقون في هذه الحرب المفتوحة مع عدو لا وجه ولا مكان له، وسلاحه الفتاك هو العدوى والموت، ممن يسكنهم الجشع والطمع في الكسب المادي السريع الزوال بطرق الغش والمكيدة على حساب صحة المواطنين وفي ظرف تجتاز فيه الدولة أخطر مراحلها كما باقي بلدان العالم..
    هكذا كشف فيروس “كورونا” المستجد عن طينة من المسترزقين الشبيهين بالعلق الذي يقتات على دم ضحاياه، من مصاصي الدماء الذين خلت قلوبهم من الرحمة وحب الوطن، وضمن هؤلاء أفراد عصابة الكمامات المزيفة الذين استغلوا لحظة عصيبة يصارع فيها البلد الموت المفتوح على كل الكوارث، وقاموا بصنع وترويج كمامات مزيفة لا تقي حامليها من فيروس “كورونا”، بغية الربح السهل والمريح، والمؤسف أن جل أفراد عصابة الموت هاته، ليسوا من المعدومين الذين لم يجدوا ما يقتاتون به ودفعتهم مذلة الحاجة إلى هذا السلوك المشين الذي ليس فيه أي ذرة إنسانية، وهل من الصدف أن يكون المتورطون في ترويج هذه الكمامات القاتلة، هم أبناء حقوقيين ظلوا يفرعون طبلة أذننا بالدفاع عن حقوق الإنسان ويتهمون الدولة بالريع وعدم صون حقوق الإنسان، فإذا بأبناء لهم من صلبهم لم يراعوا لا حرمة ولا حقوقا ولا روحا إنسانية، تجار مآسي استغلوا حاجة المغاربة إلى الكمامات للوقاية من الفيروس القاتل، فمنحوه الموت في قلب كمامات مزيفة باعوها بأثمنة خيالية مقابل تكلفة إنتاجها.. ولولا يقظة رجال الأمن لعمم تجار الكمامات المزيفة الموت علينا أجمعين، وهؤلاء أخطر من الوباء الفاتك بأرواح العباد.
    من تجار المآسي أيضا، من أصحاب المدارس الحرة، التي لا يمكن أن نضعها كلها في كفة واحدة إذ “حوتة وحدة أو ثلاثة كاع ما يمكنش يخنزوا الشواري”، الذين ما أن أعلنت لجنة اليقظة بحس وطني عالي عن دعم المقاولات الهشة التي تعرضت لأضرار بسبب جائحة “كورونا” حتى “دخلو كرموستهم فشريط المتضررين المحتاجين”، وطالبوا بنصيبهم من تعويض الصندوق الذي هو أصلا تضامني وليس ربحيا، وبعد أن تعرضوا لانتقادات القوى الحية في البلاد ورواد التواصل الاجتماعي، عادوا للاعتذار وساهموا في ذات الصندوق، لكن فجأة نصادف بأن مجموعة من مدارس التعليم الحر تطالب بالتعويض عن الضرر وتدفع مستخدميها لرفع ملفاتهم إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاستفادة من التعويض، عبر تقديم بيانات خاطئة للحكومة.. أتوجد انتهازية أكثر من هذه؟
    على الدولة أن تكون بالمرصاد لهؤلاء، وعلى المواطنين أن يفضحوا تجار مآسي الشعب المغربي في هذه اللحظة العصيبة، والحمد لله أن في بلدنا عين حارسة على مصالح الوطن، قادرة على التصدي لأمثال هذه الطفيليات الحقيرة التي تعيش “في الخواض بحال الجران”، فاللهم لطفك يارب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الرباط: نايضة في حزب الاستقلال بعد توزيع المناصب قبل التصويت بالمؤتمر