كورونا بين الخرافة والواقع

كورونا بين الخرافة والواقع

A- A+
  • كورونا وباء كما خلت من قبله العديد من الأوبئة، كما أنه لن يكون آخرها، إنه قانون الطبيعة، كما مرت الكوليرا والتيفويد والطاعون، وبعده سارس وإيبولا وأنفلونزا الخنازير وجنون البقر وغيرها، سيمر كورونا.. ولكننا نتفاجأ بتفسيرات غريبة لهذا المرض، لا علاقة لها بحقائق العلم الذي يعكف على معرفة مكونات هذا الفيروس المتجدد الذي سبق له الظهور في بداية هذا القرن، فالبعض يربطه بفساد العالم وسيطرة الفساد فيه وبعد الناس عن دين الله، بالنسبة لهم فكورونا كما تسونامي غضب إلاهي تأديبي يجسد سخط الله، والبعض الآخر تفنن ليستنتج أن وباء كورونا من فعل فاعل، وأن ضربه للصين وإيران هو مؤامرة أمريكية، فبعد أن برز نجم التنين الآسيوي بتفوقه الاقتصادي الكبير، وبعد أن تحدت إيران الابتزاز الأمريكي، وبدون شك سوف نعود للمؤامرة الإسرائيلية، وأن الماسونيين المتحكمين في مسار العالم وراء صناعة هذا الفيروس الذي استهدف الدول المعادية لـ “الشيطان” الأكبر، بل هناك من لايعرف العلم و يعرف الزيادة فيه، تحدث عن دور الشركات العالمية المهيمنة على صناعة الأدوية، في نشر فيروس كورونا، من أجل بيع دواء يتوفر لدى مخازنها، وكلما انتشر هذا المرض سوف تزداد مبيعاتها وأرباحها على حساب ضحايا المرض…

    مثل هذه التفسيرات الغيبية وتلك التي تعلل كل شيء بنظرية المؤامرة، ترسخ الجهل وتشكل عائقا أمام الفهم العلمي السليم لحقيقة الوباء، الذي لا زال العلماء يعكفون على دراسة طبيعته ومسبباته وسبل علاجه وطرق الوقاية منه، للأسف إن عمل المختبرات العلمية يسير دوما ببطء، أو بغير السرعة التي ينتشر بها وباء كورونا القاتل، وهو ما يسمح للدجالين والميالين لخلق الأساطير الخرافية حول حقيقة كورونا، وفي لحظات الأزمة، أن تجد هذه التفسيرات صدى واسعا بين عامة الناس وبين البسطاء منهم خاصة..

  • فالذين يقولون إنه مؤامرة أمريكية، حيث استهدف وباء كورونا الصين للحد من الطموح الأحمر لهذا التنين الذي اكتسح العالم، يعجزون عن تفسير ما يقع اليوم من اجتياح قوي لداء كورونا لكل دول العالم، كما فعلت الكوليرا والطاعون والتيفويد والجذري في القرون الماضية، فها نحن نرى أن الفيروس القاتل يتخطى الحدود والجمارك ويضرب في كل مكان في القارات الخمس، بما فيها بلد العم سام، إن الأمر يتعلق بوباء قاتل له مسبباته العلمية كما كان شأن كل الكوارث والأوبئة التي ضربت الإنسانية منذ بدء الخليقة، وكما سقطت مختلف الحكايات الخرافية عن أحداث 11 شتنبر التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية في أبشع إرهاب دولي تم باسم الدين، واشتغلت المخيلات البئيسة وعقليات المؤامرة التي تحدثت عن مغادرة اليهود للمبنى التجاري العملاق قبل استهدافه بالطائرتين الانتحاريتين، ومنهم من ذهب بعيدا حين أكد أن هذه الهجمة الإرهابية من صنع المخابرات الأمريكية لاحتلال أفغانستان وخلق عدو جديد هو الإسلام، حيث ضرب الإرهاب الأسود جل دول العالم، وسقطت الخرافات ونظريات المؤامرة مثل أوراق الخريف.

    دعونا من التفسيرات الخرافية لأنها لا تساعد على فهم موضوعي وعلمي لوباء قاتل، وستساهم في زرع الأحقاد المجانية في وسط المغاربة، وهو ما لن يساعد على حذر الناس دون فزع أو رُهاب، فالمغاربة الذين يسخرون اليوم من فيروس كورونا يبدون في وعي متقدم على بعض نخبنا، التي نستغرب كيف تلتجئ لتفسيرات عقلية المؤامرة في ظاهرة علمية أساسا، وبالنسبة للجهات الرسمية، لا يمكن إلا أن نوجه الكثير من التقدير للبعد التواصلي لمؤسسات الدولة في إخبار المغاربة بحقيقة الأوضاع في كل لحظة، والتأكيد أن المغرب ليس بمنأى عن انتشار فيروس كورونا، وهو لا يشكل تهديدا وجوديا لأمريكا ولا لغيرها، فهذا التواصل المستمر الذي يمدنا بالمعلومات والحقائق هو الذي سيقتل الإشاعات والأخبار الزائفة في المهد.. وعلى الشباب من مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي أن يحذروا مما ينشر من أخبار زائفة وأن يبتعدوا عن “الضحك الخايب” بترويج الإشاعات ولو عبر الضحك، لأن الأمر جدي وهناك قوانين صارمة تنتظر كل من يعبث في أمر يهم الصحة الوطنية للمغاربة… وهذا هو الأساس..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أمن الناظور يوقف شخصين وإحباط محاولة تهريب 116 ألفا و605 أقراص مهلوسة