ساكنة الدار البيضاء فوق سطح صفيح ساخن .. جحيم وموت وغضب

ساكنة الدار البيضاء فوق سطح صفيح ساخن .. جحيم وموت وغضب

حافلات الدار البيضاء - تصوير: محمد بوكيرة

A- A+
  • تقول كلمات أغنية (كازابلانكا الباهية) : “الدار البيضاء ديما باهية وضاحكة وايامها بهجة وفرحة” ولكن واقع هذه المدينة وعكس ما تغنت به الفنانة المغربية “مريم بلمير”، واضح يعرفه “البيضاويون” الذين يدركون أن المدينة التي تعتبر القلب النابض للمغرب، تعيش العديد من المشاكل خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت مدينة “الكوارث” بامتياز، وتحولت إلى “الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود” على حد تعبير من نبت الشيب برؤوسهم، حيث أكد معظمهم أن “كازابلانكا”، وعكس خمسينيات وستينات القرن الماضي، أصبحت كتلة رمادية قاتمة اللون بسبب الإسمنت، هواؤها ملوث وبعض أحيائها القديمة مظلمة كئيبة كأن حرب شوارع وقعت بها وانهارت منازلها بسبب القصف.

    مدينة النفايات والأزبال ومجلس المدينة “آوت”

    مناظر ومشاهد مقززة يفتح عليها البيضاويون أعينهم صباح كل يوم، حيث تتجمع النفايات والأزبال، نظرا لعدم تواجد الحاويات الخاصة برمي النفايات، أو بسبب تعرضها للسرقة والإتلاف، أو بسبب السلوكات التي يقوم بها أشخاص، يعمدون إلى رمي البقايا المنزلية بالطرقات وإلى جانب الأسوار بدل رميها في المكان المخصص لها.

  • نفايات في الدار البيضاء – تصوير: محمد بوكيرة

    ساكنة مدينة الدار البيضاء، تحمل مسؤولية تحول شوارع وأزقة “كازابلانكا” إلى مكب للنفايات لمجلس مدينة الدار البيضاء، الذي لم يقم بأي خطة إلى حدود الساعة للتعاقد مع شركات جديدة، بعد فسخها للعقود التي جمعتها مع شركات أجنبية “فرنسية وإسبانية”، تكلفت لسنوات طويلة بمهام تنظيف شوارع أكبر مدينة بالمغرب.

    نفايات في الدار البيضاء – تصوير: محمد بوكيرة

    بعد أشهر من فسخ التعاقد مع الشركات التي كانت مكلفة بتدبير قطاع النظافة بمدينة الدار البيضاء، ما زال مجلس المدينة وإلى حدود الساعة لم يحدد الشركات التي ستتكلف بهذا القطاع، وقد أكد مصدر مطلع لـ “شوف تيفي” أن جماعة مدينة الدار البيضاء من المنتظر أن تخول مستقبلا مهمة تدبير قطاع النظافة إلى أربع شركات، ستكون مهمتها تنظيف أزقة وأحياء وشوارع ثماني عمالات.

    المدينة القديمة: “منازل مهددة بالانهيار وحياة الآلاف في خطر”

    إلى جانب الواقع المر الذي تعيشه ساكنة مدينة الدار البيضاء بسبب ضعف تدبير قطاع النظافة، فإن ساكنة المدينة تعيش كذلك مشاكل أخرى، جعلت حياتها مهددة بالخطر، وخاصة أولئك القاطنون بمجموعة من الأحياء التاريخية من بينها “درب سلطان” وأيضا “المدينة القديمة” القريبة من الميناء الكبير، والتي انهارت بها خلال السنوات الأخيرة العشرات من المنازل، ما خلف وفاة أبرياء، بالرغم من مناشدة المسؤولين في العديد من المرات بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة والضرورية لإعادة ترميم المنازل أو إيجاد حلول أخرى.

    “كنعيشو الفقر وما عندناش وغادي نموتو”، هكذا علق ناجون من الموت بعد انهيار منازل بالمدينة القديمة، كشفوا لـ “شوف تيفي” عن تفاصيل مؤلمة تدمي القلوب وتهز النفوس، خاصة بلحظات الرعب والهلع التي عاشوها عقب انهيار منازلهم، محملين المسؤولية لعمالة المدينة بعد مطالبتهم بمبلغ 20 مليون سنتيم مقابل الاستفادة من سكن لائق.

    النقل: ” طرونسبور مصيبة فكازا والطوبيسات ديما خاسرين”

    مواطنون بوجوه يظهر عليها الغضب والحزن، يقفون لساعات بمحطات الحافلات الخاصة بالنقل العمومي أو بمحطات سيارات الأجرة أملا في الحصول على وسيلة للتنقل من العمل إلى المنزل أو العكس، هكذا يعيش البيضاويون يوميا “المحنة” مع “الطرونسبور” وخاصة مع “الطوبيسات” التابعة لشركة معروفة والتي أصبحت حافلاتها وبشكل مخالف للقانون تحمل أكثر من المسموح به المسجل بوثيقة التأمين، حيث أصبح على “البيضاوي” الراكب هذه الحافلة ترديد “الشهادتين”، فهناك احتمال كبير أن تندلع النيران بها بسبب حالتها الميكانيكية، أو بسبب حجر طائش قد يصيبه بعد رميه من خارجين عن القانون، نظرا لعدم تواجد نوافذ أو أبواب.

    سيارات الأجرة بالدار البيضاء – تصوير: محمد بوكيرة

    بالرغم من تتمينهم لمشروع “الترمواي” الذي أدخل الفرحة لقلوب الساكنة التي كانت تعتقد على أنه الحل “السحري” المناسب لإنهاء المعاناة، فإن “البيضاويين”، أكدوا على أنهم ولسنوات طويلة، طالبوا المسؤولين عن قطاع النقل بالمدينة بضرورة إيجاد حلول أخرى جذرية ووقتية راهنية تنهي معاناتهم اليومية مع النقل لكن جميع هذه المطالب لم يتم الإنصات لها والتفاعل معها، حيث ما تزال مثلا جميع الشركات الخاصة بالنقل العمومي تعمل وإلى حدود اليوم بإمكانيات جد محتشمة وبحافلات “مهترئة” لا يمكن للراكب أن يشعر وهو بداخلها بآدميته وبإنسانيته، مشددين في الوقت نفسه على أن سيارات الأجرة” هي الأخرى، تعمل بطريقة عشوائية غير منظمة، يكون ضحيتها الراكب المرغم أحيانا على الركض والصراخ والوقوف لساعات من أجل استخدام هذه الوسيلة التي تعتبر سيارتها “مرسديس 240” من أقدم السيارات بالمغرب.

    سيارات الأجرة بالدار البيضاء – تصوير: محمد بوكيرة

    كازا أو “كويزة”، كما يحب البعض تلقيبها، يعيش بها أكثر من أربعة مليون نسمة وهو عدد مرشح للتضاعف خلال السنوات المقبلة نظرا للعديد من التغيرات الديمغرافية والاجتماعية التي تعرفها المدينة، وهو ما يلزم المنتخبين والمسؤولين المكلفين بتسيير أمور هذه المدينة في الوقت الراهن أو مستقبلا باتخاذ قرارات مهمة تجعل هموم “البيضاوي” وراحته في رأس الأولويات من خلال توفير النقل واعتماد سياسة فعلية تنهي معاناة الساكنة مع انتشار النفايات، والعمل على صياغة خطة بديلة لحماية حياة ساكنة الأحياء القديمة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الرباط: تضامن واسع مع فريق نهضة بركان ضد تضييق المسؤولين الجزائريين